شرف الالتزام بالعهود ، وإلاّ كان الفرد ساقطاً بالمرّة أمام الله والناس ، ولم يكن يخطر على البال أنّ هذا الإنسان من الساقطين وبهذه الدرجة.
وهنا ينبغي أن نلتفت إلى ما وردَ في تفسير قوله تعالى عن قول إبليس : (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) (١) ، من أنّ آدم وزوجته لم يتصوّرا شخصاً يُقسم بالله كذباً ، يعني أنهّما حين سمعا إبليس يُقسم بالله سبحانه صدّقاه وأكلا من الشجرة. أقول : فكذلك الحال في مسلم وأصحابه من حيث إنّ العهد مُلزم في الدنيا ، واليمين مُلزم في الآخرة ، فماذا بقيَ ممّا يكون أن يفعلوه أمامه؟
المستوى الرابع : إنّ مُسلماً وأضرابه من خاصّة أصحاب المعصومين عليهمالسلام ، وإن قلنا بأنّهم مؤيّدون ومسدّدون بالإلهام ، إلاّ أنّ ذلك ممّا لا ينبغي أن يؤخذ على أوسع نطاق :
أوّلاً : لأنّهم ليسوا معصومين بالعصمة الواجبة ، كما يُعبّر عنها في (علم الكلام) ، والمعصوم بالعصمة الواجبة يكون معصوماً من الخطأ والنسيان ، مضافاً إلى عصمته من الذنوب والمحرّمات ، بخلاف المعصوم بالعصمة غير الواجبة ، فإنّه يكون معصوماً من الذنوب لا من الخطأ والنسيان.
ثانياً : إنّ الإلهام والتسديد إلى أمثال هؤلاء يختلف في السعة والضيق أو القلّة والكثرة ، ينالُ منه كلّ منهم بمقدار قابليّته واستحقاقه وعمله وغير ذلك من الأسباب ، وليس بالضرورة أن يناله بشكلٍ مطلق ومستمرّ ، إذاً فمن الجائز أن يُحجب الإلهام والتسديد عن الفرد حيناً أو أحياناً ، بمقدار ما تقتضي الحكمة
__________________
(١) سورة الأعراف : آية (٢٠ ـ ٢١).