العمل ـ عقّوا فاطمة فغصبوا منها فدكاً (١) ، وروّعوها ، وهددوها بحرق دارها (٢)حتّى ماتت غاضبة عليهما (٣) ، كما عقّوا ولدها فمضوا مسمومين مقتولين مشرّدين. ولو تمسك القوم بالولاية التي هي خير العمل لبَرّوا فاطمة وولدها ، ولما خرجت الخلافة من أهلها ، ومن هنا نعلم أن تفسير الحيعلة الثالثة تارة بالولاية ، وأخرى ببرّ فاطمة وولدها ، إنّما هما وجهان لعملة واحدة ، وعبارتان تدلان على معنى مشترك واحد ، وهو أنّ محمّداً وعليّاً وأولادهم المعصومين هم خير البرية.
ولعلّ القارئ الكريم قد وقف على جذور هذا الأصل الديني من القرآن والعترة فيما وضّحناه سابقاً في البحوث التمهيدية ، من أنّ تشر يع الأذان سماويٌّ ، وهو يحمل في طياته سمات معنو ية وأسراراً عالية ، وأنّه بيان لأصول العقيدة وكليّات الإسلام ، لأنّ الأذان ليس إعلاماً لوقت الصلاة فقط ، بل إنّ آثاره تجري في عدة أمور ، فهو بيان لما ابتنى عليه الدين الإسلامي من التوحيد والنبوة ـ والإمامة في نظر الإمامية ـ.
إنْ إكمال الدين وإتمام النعمة لا يكون إلاّ بإمامة عليّ وولده ، وهذا ما دلّلت
__________________
(١) انظر : شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢٠٩ ـ ٢٥٣ و ١٧ : ٢١٦ ، الاحتجاج ١ : ٢٦٧ ، الاختصاص : ١٨٣.
(٢) جاء في تاريخ الطبري ٣ : ٢٠٢ بسند معتبر ، قال : أتى عمر بن الخطاب منزل عليّ وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين ، فقال : والله لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة. وقد كانت فاطمة في البيت ، فقالوا لعمر : إنّ في البيت فاطمة! قال : وإنْ (انظر الإمامة والسياسة ١ : ١٢ ، اعلام النساء ٤ : ١١٤).
(٣) جاء في صحيح البخاري ٢ : ٥٠٤ كتاب الخمس باب ٨٣٧ باب فرض الخمس ح ١٢٦٥ بسنده عن أم المؤمنين عائشة أنّها اخبرته : أن فاطمة عليهاالسلام ابنة رسول الله صلىاللهعليهوآله سألت ابا بكر الصديق بعد وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله ممّا أفاء الله عليه ، فقال لها أبو بكر : إن رسول الله قال : لا نورث ما تركنا صدقة ، فغضبت فاطمة بنت رسول الله ، فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتّى توفّيت ، وعاشت بعد رسول الله ستة أشهر.