وقفة مع أحاديث الرؤيا
اتّضح بجلاء ـ من خلال ما مرّ بنا من أحاديث وأقوال وغيرها ـ أنّ القول بتشريع الأذان في الإسراء والمعراج ، ممّا لم ينفرد به الإماميّة الاثنا عشريّة ، وإنّما قالت به الشيعة الزيدية والإسماعيلية أيضاً ، إضافةً إلى أعلام من أهل السنّة ، وهذا يعني أنّ تشريع الأذان ـ بوصفه فعلاً تعبّدياً ـ كان سماوياً وعُلْوياً وليس مناماً وأرضياً ، وهذا القول ينسجم تماماً مع التشريعات السماوية الإلهية ، ومع الاعتقاد بالنبوّة والوحي ، التي هي واسطة في التشريع بين الله تعالى وبين خلقه.
أمّا القول بأنّه كان عبر منام رآه رجل وأخبر به النبيَّ صلىاللهعليهوآله فإنّه من منفردات بعض أهل السنّة ، والذي أمسى قولاً مشهوراً لديهم فيما بعد.
وإزاء اشتهار هذا القول عندهم ، تبرز طائفة من التساؤلات الملَحّة التي تصدر من الرؤية الإسلاميّة لحقائق الاشياء وعمق التشريع الإلهي.
ومن هذه التساؤلات : هل يسوغ لهذا القول ـ الذي يُسنِد تشريع الأذان إلى رؤيا أحد الناس ـ أن يتلاءم وأصول الشريعة القائمة على تلقّي النبيّ صلىاللهعليهوآله من الله سبحانه؟
وهل يسوغ ـ في منطق الإسلام والوحي ـ أن تؤخذ الشريعة من الأحلام والمنامات والأقاصيص ، أو حتّى من المشاورة كما جاء في بعض أحاديث الأذان؟
أوّلاً : إنّ المنام لا يصحّ أن يُستنَد إليه في القضايا الشرعيّة ، ولا يمكن أن يُعتمَد عليه فى تشريع الأحكام .. اللهمّ إلاّ أن يكون رؤيا رآها رسول الله نفسه ؛ لأنّها