عبدالرزّاق عن معمر ، عن ابن حمّاد ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن النبيِّ في حديث المعراج ، قال : «ثمّ قام جبرئيل فوضع سبّابته اليمنى في أذنه فأذّن مَثْنى مَثْنى» .. يقول في آخرها : «حيّ على خير العمل ، حتىّ إذا قضى أذانه أقام للصلاة مثنى مثنى» (١).
وفي كنز العمّال «مسند رافع بن خديج» : لمّا أُسرِي برسول الله إلى السماء أوحي إليه بالأذان ، فنزل به فعلّمه جبرئيل (الطبراني في الاوسط عن ابن عمر) (٢).
ولذلك حاول القسطلانيّ الشافعي في (إرشاد الساري) التخلّص من إشكال التشريع بالرؤيا ، فأدّعى أنّ المشرِّع للأذان هو النصّ الذي أَقَرَّ المنامَ لا نفس المنام ، فقال : قوله تبارك وتعالى : (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواًوَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ) معانيَ عبادة الله وشرائعه ، واستدلّ على مشروعيّة الأذان بالنصّ لا بالمنام وحده (٣) لكنك تعلم أنّ الإشكال باق بحاله ، إذ لا معنى للمنام في هذه الحالة.
وقال السرخسيّ ـ مِن أعلام الحنفيّة ـ في (المبسوط) : ... وروي أنَّ سبعة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين رأوا تلك الرؤيا في ليلة واحدة ، وكان أبو حفص محمّد بن عليّ ينكر هذا ويقول : تعمدون إلى ما هو من معالم الدين فتقولون : ثَبَت بالرؤيا! كلاَّ ولكنّ النبيَّ صلىاللهعليهوآله حين أُسري به إلى المسجد الأقصى وجُمِع له النبيّون ، أذَّنَ مَلَكٌ وأقام ، فصلَّى بهم رسول الله. وقيل : نزل به جبرئيل عليه الصلاة والسلام ، حتَّى قال كثير بن مرة : أذَّن جبرئيل في السماء فسمعه عمر (٤).
__________________
(١) سعد السعود ١٠٠ ، وفي متن بحار الأنوار ٨١ : ١٠٧ : فوضع سبّابته اليمنى في أذنه اليمنى .. حيّ على خير العمل مَثْنى مَثْنى ... الخ.
(٢) كنز العمّال ٨ : ٣٢٩ كتاب الصلاة فصل من الأذان ح ٢٣١٣٨. وانظر مجمع الزوائد ١ : ٣٢٩.
(٣) إرشاد الساري ٢ : ٢ كتاب الأذان. عمدة القارئ ٥ : ٧ و ١٠٢.
(٤) المبسوط للسرخسيّ ١ : ١٢٨ كتاب الصلاة باب بدء الأذان.