الحيعلة الثالثة شعاراً دينيَّاً سياسياً للثوار ، وأخذت الحكومة تتحسس منه ولا تستطيع خنقه.
فإبراهيم بن عبدالله بن الحسن ـ أخو النفس الزكية الذي خرج بالبصرة بعد شهادة أخيه ـ يأمر أصحابه أن يؤذّنوا بالحيعلة سراً كي لا يقف النهج الحاكم وجواسيسه عليهم. وهكذا حال الحسين صاحب فخ ، فإنّه لم يكن تأذينه وأتباعُهُ بالحيعلة الثالثة إلاّ معنى آخر للثورة وليعلنوا أنهم هم الأولى بالله ورسوله وخلافته.
خرج بطبرستان الحسن بن زيد بن محمّد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد ابن الحسن بن عليّ بن أبي طالب.
وكان سبب ظهوره أنّ محمّد بن عبدالله بن طاهر لمّا ظفر بيحيى بن عمر أقطعه المستعين بالله العباسي من ضواحي السلطان بطبرستان قطائعَ ، منها قطيعة قرب ثغر الديلم وهما كلار وشالوس ، وكان بحذائهما أرض يحتطب منها أهل تلك الناحية ، وترعى فيها مواشيهم ، ليس لأحد عليها ملك إنّما هي مَوات ، وهي ذات غياض ، وأشجار ، وكلأ.
فوجّه محمّد بن عبدالله نائبه لحيازة ما أُقطِع ، واسمه جابر بن هارون النصراني ، فلمّا قَدِم جابر عَمَد فحاز ما اتّصل به من أرض مَوات يرتفق بها الناس.
وكان في تلك الناحية يومئذ أخوانِ لهما بأسٌ مذكوران بإطعام الطعام وبالإفضال ، يقال لأحدهما : محمّد ، وللآخر : جعفر ، وهما ابنا رستم ، فانكرا ما فعل جابر من حيازة الموات وكانا مُطاعَين في تلك الناحية ، فاستنهضا من أطاعهما لمنع جابر من حيازة ذلك الموات ؛ فخافهما جابر فهرب منهما فلحق بسليمان بن عبدالله