أنّ هذا الموقف من الاعتقاد الشيعي أو ذاك الموقف من الاعتقاد السنّي إنّما يبتني على ما يحمله كلّ طرف من المتبنّيات الفكرية الأيدلوجية والأصول التي اعتمد عليها ، والتي تدلّ على شرعيّته عنده وأنّه لم يكن وليد ساعته!
إنّ كلامنا هذا يرمي إلى بيان البُنَى التحتية للفريقين ، دون الخوض في أصل شرعية حكم الفاطميين أو عدم شرعية حكم العباسيين أو العكس وإلى البحث عن مدى صحّة ما روي عنه صلىاللهعليهوآله : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، أو أن حكم البسملة هو الجهر أم الإخفات ، وهل يجوز المسح على الخفين أم لا؟ إذ أن شرعية هذه الأحكام وعدمها سبقت هذه المرحلة ، وإن ديمومية هذا الخلاف من قبل الفريقين ينبئ عن وجود أصل مختلف فيه بينهما ، لا كما يصورونه من عدم وجود أصل فيه عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أو عن حكومات غير المتعبّدين.
ذكر ابن حزم الاندلسي في (نَقْط العروس في تواريخ الخلفاء) تحت عنوان : مَن خَطَب لبني العبّاس أو لبني عليّ بالأندلس ، فقال :
عمر بن حفصون خطب في أعماله بريَّةَ (١) لإبراهيم بن قاسم بن إدريس بن عبدالله بن حسن بن حسن بن عليّ بن أبي طالب صاحب البصرة ، ثمّ خطب لعبيد الله صاحب افريقية ، وأذّن في جميع أعماله «بحيّ على خير العمل» (٢).
__________________
(١) بناحية اكشونيت.
(٢) رسائل ابن حزم الاندلسي ٢ : ٨٤ الرسالة الثانية (نَقط العروس في تواريخ الخلفاء) تحقيق احسان عباس بيروت ١٩٨٧.