قال المقريزي في (المواعظ والاعتبار) : «... وأوّل مَن قال في الأذان بالليل : «محمّد وعليّ خير البشر» (١) الحسين المعروف «بأمير ابن شكنبة» ، ويقال اشكنبة ، وهو اسم اعجميّ معناه : الكرش ، وهو : عليّ بن محمّد بن عليّ بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، وكان أوّل تأذينه بذلك في أيّام سيف الدولة بن حمدان بحلب في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة ، قاله الشريف محمّد بن أسعد الجوباني النسّابة.
ولم يزل الأذان بحلب يزاد فيه «حيَّ على خير العمل ، ومحمّد وعليّ خير البشر» إلى أيّام نور الدين محمود ، فلما فتح المدرسة الكبيرة المعروفة بالحلاوية استدعى أبا الحسن عليّ بن الحسن بن محمّد البلخي الحنفي إليها ، فجاء ومعه جماعة من الفقهاء ، وألقى بها الدروس ، فلما سمع الأذان أمر الفقهاء فصعدوا المنارة وقت الأذان وقال لهم : مُرُوهم يؤذّنوا الأذان المشروع (٢) ، ومن امتنع كُبّوه على رأسه ، فصعدوا وفعلوا ما أمرهم به ، واستمر الأمر على ذلك.
وأمّا مصر فلم يزل الأذان بها على مذهب القوم [يعني الشيعة الفاطميين] إلى أن استبدّ السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوّب بسلطنة ديار مصر وأزال الدولة الفاطمية في سنة سبع وستيّن وخمسمائة ، وكان ينتحل مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه وعقيدة الشيخ أبي الحسن الأشعري ، فأبطل الأذان بـ «حيّ على خير العمل» وصار يؤذّن في سائر إقليم مصر والشام بأذان أهل مكّة ، وفيه تربيع التكبير وترجيع الشهادتين ، فاستمر الأمر على ذلك إلى أن بنت الأتراك المدارس بديار
__________________
(١) هذا اشتباه من الكاتب ، ذلك ان الزيدية كانت تقول بهذا قبل هذا التاريخ حسبما وضحناه.
(٢) يعني به الذي ليس فيه «حيّ على خير العمل ، المفسر بمحمد وعلي خير البشر»!