وعليه فشرعية «حيّ على خير العمل» ثابتة عند الشيعة بفرقها الثلاث : ـ الإمامية الاثني عشرية ، والزيدية ، والإسماعيلية ـ وعند بعض الصحابة ، وإنّ هذه الجملة هي أصل لما فُسّر في كلام الأئمّة : بـ «محمّد وعليّ خير البشر» و «محمّد وآل محمّد خير البرية» و «أنّ عليّاً وليّ الله» ، فتارة كانت الشيعة تصرح بهذا التفسير ، وأخرى لا تصرح به ، نتيجة للظروف القاسية التي كانت تمر بها.
ويؤكد التفسيرية التي قلناها ما أجاب به السيّد المرتضى رحمه الله (ت ٤٣٦ هـ) فإنه سئل : هل يجب في الأذان بعد قول «حيّ على خير العمل» : «محمّد وعليّ خير البشر»؟ فأجاب : إن قال «محمّد وعليّ خير البشر» على أنّ ذلك من قوله خارج من لفظ الأذان جاز ، فإنّ الشهادة بذلك صحيحة ، وإنّ لم يكن فلا شيء عليه (١).
وقال ابن البراج (ت ٤٨١ هـ) في مهذبه : ويستحب لمن أذّن أو أقام أن يقول في نفسه عند «حيّ على خير العمل» : «آل محمّد خير البرية» مرتين (٢).
وكذا يُفهم من كلام الشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) أن الذين كانوا يأتون بهذه الصيغ الثلاث أو الأربع! كانوا يأتون بها على أنّها صادرة عن أئمّة أهل البيت ؛ لقوله رحمه الله : «وفي بعض رواياتهم ... ومنهم من روى بدل ذلك ...» (٣).
فاختلاف الصيغ عند المؤذنين ، وإتيانها في بعض الأحيان بعد الحيعلة الثالثة وأخرى بعد الشهادة الثانية تشير إلى عدم جزئيتها وكونها تفسيرية.
إذاً عمل الشيعة وتفسيرهم هذا لم يكن عن هوى ورأي ، بل لما عرفوه ووقفوا
__________________
(١) رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٧٩. ومثله جواب القاضي ابن البراج في جواهر الفقه : ٢٥٧.
(٢) المهذب ١ : ٩٠.
(٣) من لا يحضره الفقيه ١ : ١٨٨ باب الأذان والإقامة وثواب المؤذنين ح ٣٥.