ذكر ابن الأثير عدّة حوادث في هذه السنة ، وقال : «وفيها عُمل محضرٌ ببغداد يتضمّن القدح في نسب العلويّين أصحاب مصر ، وأنّهم كاذبون في ادّعائهم النسبَ إلى عليّ عليهالسلام ، وعَزَوهم فيه إلى الدَّيصانيّة من المجوس ، والقدّاحيّة من اليهود ، وكتب فيه العلويّون ، والعبّاسيّون ، والفقهاء ، والقضاة ، والشهود ، وعُمل به عدّة نسخ ، وسُيِّر في البلاد ، وشُيّع بين الحاضر والباد ....
وفيها حدثت فتنة بين السُّنة والشيعة ببغداد ، وامتنع الضبط ، وانتشر العيّارون وتسلّطوا ، وجَبَوا الأسواق ، وأخذوا ما كان يأخذه أرباب الأعمال ، وكان مقدّمهم الطِّقطِقيّ والزَّيْبق ، وأعاد الشيعة الأذان بـ «حيّ على خير العمل» ، وكتبوا على مساجدهم : «محمّد وعليّ خير البشر» ؛ وجرى القتال بينهم ، وعظم الشرّ (١).
ثمّ صدّر حوادث سنة خمس وأربعين وأربعمائة بذكر الفتنة بين السنّة والشيعة ببغداد ، فقال :
في هذه السنة ، في المحرّم ، زادت الفتنة بين أهل الكرخ وغيرهم من السُّنّة ، وكان ابتداؤها أواخر سنة أربع وأربعين [وأربعمائة].
فلمّا كان الآن عظم الشرّ ، واطّرحت المراقبة للسلطان ، واختلط بالفريقَيْن طوائف من الأتراك ، فلمّا اشتدّ الأمر اجتمع القوّاد واتفقوا على الركوب إلى المحالّ وإقامة السياسة بأهل الشرّ والفساد ، وأخذوا من الكرخ إنساناً علويّاً وقتلوه ، فثار نساؤه ، ونَشَرنَ شعورهنّ واستَغَثنَ ، فتَبعهنّ العامّة من أهل الكرخ ، وجرى بينهم وبين القوّاد ـ ومَن معهم من العامّة ـ قتال شديد ، وطَرَح الأتراك النار في أسواق
__________________
(١) الكامل في التاريخ ٨ : ٦٤ ، وانظر كلام ابن العماد الحنبلي في حوادث سنة ٤٠٢ «الشذرات ٣ : ١٦٢».