وقد أثبتنا سابقاً أنّ عمر بن الخطّاب كان من المجتهدين الأوائل الذين تعرّفوا المصلحة وهم بحضرة الرسول المصطفى ، فأنكر عليه أخذَه الفداءَ من أسارى بدر (١) ، واعترض عليه صلىاللهعليهوآله في صلاته على المنافق (٢) ، وواجه النبيَّ بلسان حادّ في صلح الحديبية (٣) ، وطالب النبيَّ أن يزداد علماً إلى علمه وأن يستفيد من مكتوبات اليهود في الشريعة (٤) وقال لرسول الله في مرض موته : (إنه لَيَهجُر) أو غَلَبه الوجع (٥)!
والآن لنرى موقف عمر بن الخطاب وموقف غيره من المجتهدين في الأذان ، وهل لهؤلاء دور في هذا التغيير ، أم تقع تبعات التحريف على اللاحقين من بني أميّة وبني العبّاس؟ وغيرهم من المتأخّرين حسب تعبير الصنعاني (٦).
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد ١١ ـ ١٢ : ١٢ / ٨٢ ، باب نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه.
(٢) صحيح مسلم ٤ : ١٨٦٥ كتاب فضائل الصحابة باب فضائل عمر ح ٢٥ و ٤ : ٢١٤١ كتاب صفات المنافقين وأحكامهم ح ٣.
(٣) صحيح البخاري ٤ / ٣٨١ كتاب الشروط ، باب الشروط في الجهاد والمصالحة ، ح ٩٣٢.
(٤) المصنّف لعبد الرزاق ١٠ : ٣١٣ كتاب أهل الكتابين ، باب هل يسأل أهل اليهود بشيء / ح ١٩٢١٣ ، مجمع الزوائد ١ : ١٧٤ باب ليس لاحد قول مع رسول الله صلى الله عليه وآله.
(٥) صحيح البخاري ١ : ١١٩/١٢٠ كتاب العلم ، باب ٨٢ ، ح ١١٢ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٥٧ ، ١٢٥٩ ، كتاب الوصية باب ترك الوصية ...
(٦) انظر : كلامه المتقدم في صفحه ٢٣ من هذه الدراسة. قال النووي في شرحه على صحيح مسلم وبعد أن اتى بخبر عبدالله بن زيد قال : ... فيكون الواقع الاعلام اولاً ثمّ راى عبدالله بن زيد الأذان فشرعه النبيّ بعد ذلك اما بوحي واما باجتهاده صلىاللهعليهوآله على مذهب الجمهور في جواز