شُرّع على عهد الخلفاء وما دوّن لهم في عهد عمر بن عبدالعزيز ـ لقول الزهري : (كنّا نكره تدوين الحديث حتّى أكرهنا السلطان على ذلك ، فكتبناه وخفنا أن لا نكتبها للناس) ـ وأخذوا بالمذاهب الأربعة فقط ، اعتقاداً منهم بأنّ أقوال أربابها هي الدين الحق ، غافلين عن دور الحكّام في تأصيل أصول تلك الأحكام الشرعية ، كتدوين الحديث ، وحصر المذاهب بالأربعة وسوى ذلك.
وفي المقابل نرى النهج العلوي بأمرائه وجماهيره وعلمائه وفقهائه يسعون ـ عند وصولهم إلى الحكم ـ لتطبيق ما عرفوه من سنة رسول الله ونهج الإمام عليّ ، فيصرّون على الإتيان بالحيعلة الثالثة مثلاً ويأبَون بِدعيتها ، وهكذا الأمر في غيرها من المسائل المختلف فيها.
وهذا التخالف بين الجناحين يومئ إلى أنّ الخلاف بين الحكومات العلويّة الشيعيّة والحكومات السنيّة على مرّ التاريخ كان يدور في محاور عقائديّة فكرية استراتيجيّة ، مضافاً لما بينهما من خلاف حول الخلافة ، لأنّ كلّ واحد من الطرفين يستدل على صحّة عمله بأقوال وأفعال من يعتقد به من الصحابة أو أهل البيت.
وعليه فلا يجوز أن نتغافل عن جذور الحيعلة الثالثة وأشباهها في كتب الفقه والحديث والتاريخ ، بل بذكرنا خلافيات الفريقين يمكن الوقوف على جواب سؤالنا السابق ، وأن هذه الأمور هي تشريعات ذات أبعاد سياسية عقائدية.
ولا يمكننا أن ننكر أنّ الشيعة قد كانوا يَمَسّون الصحابة في بعض الأحيان ؛ لما وقفوا عليه في التاريخ من غصب حقّ الإمام عليّ ، ومنع الزهراء من فدك والهجوم على بيتها ، ولعن الإمام عليَّ على المنابر في زمن معاوية ومَن بعده ، وضياع أحكام كثيرة من دين الله و ...
وهذا يوضح أنّ لكلّ واحد من النهجين شعائره ومقدساته. ويجب أن يتّضح لنا