يوم أحد ، فقال عمر :
تلك المكارِمُ لا قعبان من لَبن |
|
شِيبا بماء فعادا بَعدُ أبوالا |
سَليني ما شئتِ ، فسألت فأعطاها ما سألت (١).
ولو ثبت بشكل قطعي أنَّ عبدالله رأى الأذان لَذَكرتْ ابنته هذه المكرمة له وعدّتها ضمن منقبتيه الأُوليين : حضوره بدراً وقتله بأُحد ، بل أن فضيلة رؤيا الأذان لو كانت واقعةً فعلاً لَما ضاهاها شيء ؛ إذ إنّ الوحي قد وافقه في هذه المسألة دون عموم بني البشر ، وهي أهمّ من حضوره بدراً وقتله بأُحد ، وذلك لمشاركة آخَرين له في هاتين الفضيلتين.
إنَّ عدم ذكر ابنة عبدالله بن زيد لهذه المنقبة ـ وهي في معرض استعطاف عمر بن عبدالعزيز ـ ليشير إلى عدم ثبوت هذه المكرمة له في العهد الأوّل.
خامساً : من الثابت عند أهل العلم أنّ رؤيا الأنبياء وحدهم حجّة ، لا رؤيا غيرهم. نعم ، إنّهم صحّحوا هذه الرؤيا والمنامات الأخرى بتطابق الوحي معها.
قال العسقلانيّ : (وقد استشكل إثبات حكم الأذان برؤيا عبدالله بن زيد ، لأنَّ رؤيا غير الأنبياء لا يُبنى عليها حكم شرعيّ ، وأُجيب باحتمال مقارنة الوحي لذلك ...) (٢).
لكنّ هذا الجواب غير علميّ ولا دقيق ؛ لأنَّ مجرّد احتمال مقارنة الوحي لا يفيد ، إذ لو كان ذلك صحيحاً لذكرته الروايات المعتمدة في الباب ولم تنحصر باجتهادات أمثال ابن حجر.
__________________
(١) حلية الأولياء ٥ : ٣٢٢ ترجمة عمر بن عبدالعزيز ، وعنه في الإصابة ٢ : ٣١٢ ترجمة عبدالله بن زيد بن عبدربّه بن ثعلبة.
(٢) فتح الباري ٢ : ٦٥ باب الأذان مثنى.