ثم أتبع ذلك بالتيئيس منه وبالتهديد بقارعة تحل بهم ، وبتسلية النبي صلى الله عليه وسلم على استهزائهم به.
أخرج ابن أبى شيبة وابن المنذر وغيرهما عن الشعبي قال : قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إن كنت نبيا كما تزعم فباعد جبلى مكة أخشبيها (اسمى الجبلين) هذين مسيرة أربعة أيام أو خمسة ، فإنها ضيقة حتى نزرع فيها ونرعى ، وابعث لنا آباءنا من الموتى حتى يكلمونا ويخبرونا أنك نبى ، أو احملنا إلى الشام أو اليمين أو إلى الحيرة حتى نذهب ونجىء فى ليلة كما زعمت أنك فعلته فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن عباس أنهم قالوا : سيّر بالقرآن الجبال ، قطّع بالقرآن الأرض ، أخرج به موتانا ، فنزلت.
الإيضاح
(كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) أي كما أرسلنا إلى الأمم الماضية رسلا فكذبوهم ، كذلك أرسلناك فى هذه الأمة ، لتبليغهم رسالة الله إليهم ، وكما أوقعنا بأسنا ونقمتنا بأولئك ، فليحذر هؤلاء من حلول النقم بهم.
وخلاصة ذلك ـ إننا كما أرسلنا إلى أمم من قبلك وأعطيناهم كتبا تتلى عليهم ، أرسلناك وأعطيناك هذا الكتاب لتتلوه عليهم ، فلما ذا يقترحون غيره؟.
(وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) أي وحالهم أنهم كفروا بمن أحاطت بهم نعمه ، ووسعت كلّ شىء رحمته ، ولم يشكروا نعمه وفضله عليهم ، ولا سيما إحسانه إليهم بإرسالك وإنزال القرآن عليك. ، وهو الكفيل بمصالح الدنيا والآخرة كما قال تعالى : «وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ».
وكفرهم به أنهم جحدوه بتاتا أو أثبتوا له الشركاء.