ومع عدمها فالمانع شرعي ، وهو لا يكشف عن العدول ، إذ لعل الوصية بالزائد لحسن ظنه بالوارث في تنفيذ وصاياه ، فتصح الأولى وتنفذ لعدم المانع أصلا وتبطل الثانية لاختصاص المنع الشرعي حينئذ بما زاد على ثلث التركة.
وبما ذكرنا ظهر لك ما لو أوصى لشخص بثلث ولآخر بربع ولآخر بسدس : من صحة الأولى ، وبطلان الأخيرتين ، مع عدم الإجازة ، لعدم التضاد الموجب للحكم بالعدول فلا يبقى محل لهما بعد نفوذ الأولى ، لعموم أدلة الوصية.
(ودعوى) أن الوصية ظاهرة فيما كانت نافذة ، ولا تكون كذلك إلا فيما كان يملك نفوذها فيه ـ وهو الثلث ـ دون المتوقفة فيه على الإجازة فهي بمعونة الظهور المذكور تضاد الأولى ، والتضاد كاشف عن الرجوع فتبطل به الاولى ، ولا يجرى استصحاب الصحة فيها بعد ظهور الثانية في النفوذ ، لأنه منه بمنزلة الأصل من الدليل ، بل يجرى ذلك في كل عقد يدور أمره بين النفوذ الفعلي والتوقف على الإجازة كما لو باع أحد الشريكين نصف الدار المشتركة بينهما بالمناصفة ، فإنه ينزل على النصف المملوك له دون المركب من ومن شريكه حتى يتوقف على أجازته ، وليس ذلك إلا لما ذكرنا من الظهور.
(يدفعها) أن إطلاق العقد يقتضي إرادة معنى ما تعلق به ، فان صادف محله خليا عن المانع مطلقا نفذ في متعلقة لوجود سبب النفوذ : من وجود المقتضى وعدم المانع ، وإلا توقف نفوذه على عدم المانع مع رجاء زواله أو وجود شرط متوقع ، كالإجازة في الفضولي والقبض في الهبة ولا ينافي التوقف اتصاف العقد بالصحة التأهلية. وحيث كان متعلق العقد في بيع أحد الشريكين هو النصف من غير تعرض لكونه المستحق له