من أن أقسم عليكم هذا المال بالحصص .. قال ابن عباس : وأيم الله لو قدّم من قدّم الله ، وأخر من أخّر الله ما عالت الفريضة ، فقال له زفر : وأيها قدّم وأيها أخر؟ فقال : فكل فريضة لم يهبطها الله عن فريضة إلا الى فريضة فهذا ما قدّم الله. وأما ما أخّر فكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي فتلك التي أخر : فأما التي قدم فالزوج له النصف ، فاذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع الى الربع لا يزيله ـ عنه شيء ـ والزوجة لها الربع فاذا دخل عليها ما يزيلها عنه صارت إلى الثمن لا يزيلهما عنه شيء. والأم لها الثلث ، فاذا زالت عنه صارت الى السدس ولا يزيلها عنه شيء وأما التي أخر ففريضة البنات والأخوات لها النصف والثلثان فإذا أزالتهن الفرائض عن ذلك لم يكن لهن إلا ما بقي ، فإذا اجتمع ما قدم الله وما أخر بديء بما قدم وأعطي حقه كاملا ، فإن بقي شيء كان لما أخر ..» الحديث (١) ولعمري إن ابن عباس أشار الى معنى يناسبه اليمين ، ولا ينافيه التعليل ، ضرورة أنهم لو قدّموا من قدّمه الله لعلموا أن الفرائض لا تعول ومستندهم ـ بعد التعويل على فتوى عمر ـ القياس بالدين مع قصور التركة عن وفائه ، والوصية إلى جماعة بمال مع القصور ، فان النقص فيهما يدخل على الجميع ، فكذا الفرائض إذا اجتمعت مع قصور التركة عنها.
وهو من القياس مع الفارق : أما في الدين ، فلان حقوق الدّيان التي يجب الخروج عنها على كل حال ، وان قصر المال عنه لبقاء الباقي في الذمة وان كان ميتا ولذا جاز احتسابه عليه ـ متعلقة بخصوص التركة تعلق الاستيفاء دون اختصاص أصل الحق بها بحيث لا حقّ له في غيرها ولو في الذمة حتى تقاس عليه الفرائض التي هي كمية في الاستحقاق بالإرث.
__________________
(١) راجع : الباب السادس والسابع من أبواب موجبات الإرث من كتاب الفرائض من الوسائل.