الدّيان لها لأن تلك معاوضة جديدة على التركة ، إلا أنك قد عرفت ضعفه. نعم لو امتنع المحبو عن الفك كان للوارث الرجوع عليه بما دفعه للديّان ، وان كان الأولى والأحوط الرجوع أولا إلى الحاكم لأنه ولي الممتنع.
(الأمر الثالث) : ان لا تكون الحبوة مما تعلّقت به الوصية لانتفاء موضوعها حينئذ بتعلق الوصيّة بها التي هي ـ لنفوذها ـ بحكم إتلافها عند الموت بسبب قبله وان احتسب من الثلث ، بعد أن كان له تعيينه فيما شاء من أعيان التركة ، ضرورة أن الحبوة إرث ، والإرث انما يكون في غير الثلث.
وحينئذ فليس للمحبو الرجوع على غيره من الورثة ببذل ما زاد على ما يصيب الحبوة من الثلث بدعوى أن له الثلث مشاعا في جميع التركة ، وقصارى ما هو له : تعيين المشاع كالقسمة في بعضها ، وهو لا يوجب فوات ما هو للمحبو من الزيادة على ما يصيب حبوته من الثلث ، ومقتضى الجمع بين أدلة الحبوة ونفوذ الوصية المعيّنة تعيّنه ، والاحتساب على الورثة بالزائد ، وإلا كان جنفا (١) على المحبو ، لما عرفت من أنه حينئذ لا يستحق الحبوة أصلا ، لعدم كونه إرثا بعد التعيين حتى يستحقه حبوة ، فلا جنف ، لأن الجنف انما يتحقق بعد استحقاقه الإرث والميل عليه بشيء منه.
وبذلك ظهر ضعف ما قواه عمّنا الأستاد في (رسالته) من نفوذ الوصية فيما أوصى به ، ورجوع المحبو بالقدر الزائد على ما يصيبه بالنسبة إلى باقي الورثة ، وأن غاية نفوذ الايصاء إنما هي في مجرّد تعيين العين ثم الوصية بها : إما أن تساوى الثلث ، أو تنقص عنه ، أو تزيد عليه : أما في الأولين ، فقد عرفت سقوط الحبوة فيها ، وأما الثالث ، فيتوقف في الزائد على إجازة المحبو خاصة ، لأنه المستحق له دون باقي الورثة ، كما احتمله الشهيد الثاني في (رسالته) لإطلاق ما دل على إجازة الورثة فيما زاد
__________________
(١) الجنف ـ بالفتح والتحريك ـ : الجور والعدول عن الطريق.