وحجة المانعين : أن الوارث لم يكن ذا حق قبل موت المورث حتى يكون مفاد إجازته إسقاطه ، فهو من إسقاط ما لم يجب ، كإسقاط الصداق قبل النكاح ، وحق الشفعة قبل بيع الشريك.
وهو ـ مع أنه اجتهاد في مقابل النصوص المقبولة عند الأصحاب ـ يمكن تطبيقه على القاعدة ، لا لما قيل : من الوجوه التي يرجع محصلها الى ثبوت حق للوارث ، وان لم يملك قبل الموت ، وأن عدم الملك لا يستلزم عدم الحق لأنه مصادرة مختصة ، سيما بناء على تعميم الحكم ، لوقوعها في حالتي الصحة والمرض ـ كما ستعرف ـ بل لأن أسباب التمليك الواقعة من الملك موجبة لترتب المسببات عليها بنحو الدوام من دون تقييد بزمان حياته ، لاقتضاء الملك الطلق ذلك ، ولذا لو آجر داره مدة تزيد على حياته صحت الإجازة في تمام تلك المدة ، وانتقلت العين مسلوبة المنفعة في بقية المدة إلى الوارث ، بخلاف الوقف لو آجره كذلك ، فإنه تنفسخ الإجارة بموته ، لان ملكه له مقيّد بزمان حياته ، فالموت في الوقف منتهى زمن التملك ، وفي غيره قاطع للملك. والوصية أيضا إنشاء تمليك من المالك ، لكن لما كان مشروطا بالموت صادف زمان تحقق الشرط وجود المانع ، وهو حق الوارث ، بالإرث ، فعدم ترتب الأثر انما هو لوجود المانع دون عدم المقتضى ، ولذا كانت الإجازة من الوارث تنفيذا للوصية لا تمليكا منه للموصى له ، فالموصى له يتلقى الموصى به من الموصي لا من الوارث ، فإذا أجاز الوارث في حياة الموصي نفذت الوصية عند موته بالإجازة التي اقتضاء دوامها عدم المانع عند تحقق شرط التمليك بعد وجود المقتضى له من الوصية فالموجب لعدم المانع في وقته في الحقيقة دوام الإجازة لا حدوثها.
لا يقال : ان الإجازة كالرد ، فكما لا تأثير لرد الوارث قبل الموت ، فكذا الإجازة.