وأخيرا منها (سابع عشر) ما أشار اليه المسعودي من أن العرب قبل الاسلام انما كانوا يؤرخون بتواريخ كثيرة ، ومنها التأريخ بوفاة إبراهيم واسماعيل عليهماالسلام (١)
(٥) اسكان اسماعيل الحجاز
وهكذا يبدو واضحا أن رحلة الخليل ـ عليهالسلام ـ إلى الحجاز أمر مؤكد ، وأنه ترك هناك ولده إسماعيل ، وزوجته هاجر ، ولعل السبب المباشر في انتقال إسماعيل وأمه هاجر إلى الحجاز ، وسكناهم هناك ، يرجع إلى القصة المشهورة عن سارة التي أرادت أن تبعد إسماعيل عن أبيه ، بعد أن رأته يملأ حياة الشيخ الجليل ، والذي كان قد حرم الولد ، وقد قارب التسعين من عمره.
وهنا غضبت سارة واكتأبت ، ولزمها همّ مقيم ، فلم تعد تطيق هاجر أو ولدها ، وأبدت رغبتها في التخلص منهما ، وارسالهما إلى مكان سحيق ، إذ لم يعد عيش يطيب بجوارهما ، ولم يبق للإسعاد من أثر في بيت يضمهما معا ، وهذا أمر طبيعي ، فالغيرة بين النساء من ألصق الصفات بهن ، فليست هناك امرأة ـ كائنة من كانت ـ لا تريد أن تكون صاحبة الحظوة وحدها عند بعلها ، وليست هناك امرأة تقبل راضية ، أن تشاركها في حب زوجها ضرة لها ، وبخاصة إن كانت هذه الضرة في ريعان الشباب ، بينما هي على أبواب الشيخوخة ، وأن الضرة قد أعطت الزوج العظيم الولد ، بينما هي قد حرمت منه ، وحرمت الزوج منه ،
__________________
(١) ابو الحسن علي بن الحسين المسعودي : التنبه والاشراف ، القاهرة ١٩٣٨ ص ١٧٢ ـ ١٨١ ، انظر كتابنا «دراسات في تاريخ العرب القديم». المطابع الاهلية للأوفست ، الرياض ١٩٧٧ ص ٢٨ ـ ٢٩ (جامعة الامام محمد بن مسعود الاسلامية).