ومنها (ثالثا) إن الروم إنما كانوا يسعون إلى توحيد القبائل العربية تحت نفوذهم ، ومن ثم فقد حاولوا من قبل تكوين حلف منهم ومن «السميفع أشوع» ـ ملك اليمن بعد ذي نواس وقبل أبرهة ـ ضد الفرس (١) ، بل إن أوليري» ليرى أن بعض تجار الروم في مكة ، إنما كانوا يقومون بأعمال التجسس لحساب بلادهم (٢).
(٥) مقاومة العرب للحملة
بدأ أبرهة يعدّ العدة لغزو مكة ، وهدم البيت الحرام. ومن ثم فقد جهز جيشا ضخما ، وإن كان المؤرخون الإسلاميون قد بالغوا في عدده ، حتى ذهب بعضهم إلى أنه كان ما بين ٤٠ ، ٦٠ ألفا ، وقد اشترك في هذا الجيش من قبائل عرب الجنوب ، خولان والأشعريون وخندف وحميس بن أد (٣).
هذا وتذهب المصادر العربية إلى أن العرب حينما سمعت بهذا الأمر عظمته ، ورأوا أن جهاده حقا عليهم ، وذلك لمكانة الكعبة عند العرب ، فضلا عن مكانة مكة نفسها ، ذلك لأن المدينة المقدسة ، إنما كانت ـ كما اشرنا من قبل (٤) ـ تتمتع عند القوم بمكانة لا تتطاول إليها مكانة بلد آخر في شبه الجزيرة العربية ، فمن المعروف أنه رغم وجود «البيوت الحرام» كبيت الأقيصر وبيت ذي الخلصة وبيت نجران ، وغيرهما من البيوت
__________________
(١) E.Glaser ,in MVG ,II ,P.٧٣٤ وكذا Procopius, I. XIX, ٨ ـ ٦١, P. ٠٨١ R, Bell, op - cit, P. ٠٤.
(٢) De LacyO\'Leavy ,op - cit ,P.٤٨١
(٣) تفسير القرطبي ٢٠ / ١٩٣ ، البيهقي : دلائل النبوة ١ / ٥٧ ، روح المعاني ٣٠ / ٢٣٤ ، جواد علي ٣ / ٥١٩ ، وكذاLe Museon ,٥٦٩١ ,٣ ـ ٤ P.٣٣٤.
(٤) راجع هنا الفصل الخاص بالكعبة المشرفة.