(١) بناء الكعبة
لا ريب في أن الكعبة ، إنما قام ببنائها الخليل وولده إسماعيل ـ عليهماالسلام ـ الأمر الذي يؤكده القرآن الكريم ، ويرتضيه محققو المؤرخين ، إلا أن نفرا من المؤرخين ، إنما يحلو لهم أن يقدموا لنا روايات ترجع ببناء الكعبة إلى ما قبل عهد إبراهيم بآلاف السنين ، بل أن البعض إنما يذهب إلى أنها قد بنيت قبل أن يبرأ الله الأرض نفسها ، وهكذا وجدت لدينا روايات تنسب بناء الكعبة إلى الملائكة ، وقبل أن يخلق آدم بألفي سنة ، بل إن هذا النفر إنما يذهب إلى أن الملائكة قد خاطبت آدم عند حجه إلى البيت الحرام ، وبلسان عربي مبين ، قائلة : «برّ حجك يا آدم ، حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام» بينما تواضع بعض هؤلاء الرواة فنسب بناء الكعبة إلى آدم فحسب ، وتواضع بعض آخر أكثر ، فنسب بناءها إلى شيث بن آدم ، وأن هذا البيت المقدس ، إنما غرق في طوفان نوح ، حتى أتى إبراهيم فأعاد بناءه (١).
على أن فريقا آخر ، إنما يذهب إلى أن الكعبة ، إنما أقيمت في مكان معبد قديم للعماليق ، اندثر واختفى قبل قدوم إبراهيم إلى الحجاز ، مما جعل هذه البلاد موضع تقديس ، حتى أن المصريين القدامى ، إنما كانوا يسمون بلاد الحجاز «البلاد المقدسة» (٢). بل إن البعض قد زاد ، فأراد أن يطوّع
__________________
(١) العمري : مسالك الأبصار في ممالك الأمصار ١ / ٩٣ ـ ٩٤ ، تفسير المنار ١ / ٤٦٦ ، تفسير البيضاوي ١ / ١٧٢ ، الكشاف ١ / ٣١١ ، تاريخ الخميس ص ١٠٠ ـ ١٠٤ ، ١٣٣ ، نهاية الأرب ١ / ٢٢٨ ـ ٢٣٠ ، ياقوت ٤ / ٤٦٣ ـ ٤٦٥ ، الازرقي ١ / ٣٢ ـ ٥٣ ، الحربي : كتاب المناسك وأماكن الحج ومعالم الجزيرة ص ٤٨١ ـ ٤٨٢ ، علي حسني الخربوطلي : الكعبة على مرّ العصور ص ٥ ـ ١٠
(٢) نفس المرجع السابق ص ١٠ ، مع ملاحظة أنه ليس هناك شيء مؤكد من الناحية التاريخية عن هذا الإسم