آخرون (١).
وليس من شك في أن قصة موسى ـ عليهالسلام ـ وصلته بكاهن مدين ـ كما جاءت في التوراة (٢) ـ لعبت أخطر الأدوار في تلوين قصة النبي العربي باللون الإسرائيلي ـ ولا نقول كادت أن تجعل بعضها مسخا إسرائيليا ـ حيث اعتمد الأخباريون على مدعي العلم ممن أسلم من يهود ، فنقلوا عنهم كل ما جاءت به قرائحهم من غث وسمين ، وهكذا وضعت له سلسلة من نسب ، ليس لها نصيب من صواب ، وأن ذلك كله لم يكن معروفا ـ فيما يرى البعض ـ في صدر الإسلام ، وإنما حدث بعد فترة لا ندري مداها على وجه التحقيق (٣).
(٢) موطن المديانيين
كان أهل مدين قوما عربا يسكنون مدينتهم مدين التي هي قرية من أرض معان من أطراف الشام مما يلي ناحية الحجاز قريبا من بحيرة قوم لوط (٤) ، هذا وقد كانت أرض مدين تمتد من خليج العقبة إلى مؤاب وطور سيناء (٥).
ويفهم من أسفار التوراة أن مواطن المديانيين إنما كانت تقع إلى الشرق من العبرانيين ، والظاهر أن القوم قد توغلوا في المناطق الجنوبية لفلسطين ، وسرعان ما اتخذوا لهم هناك مواطن جديدة ، عاشوا فيها أمدا طويلا حيث يرد ذكرهم في الأخبار المتأخرة ، وقد ذكر بطليموس موضعا يقال له «مودينا
__________________
(١) ياقوت ٣ / ٢٩٩ ، وكذاEncy ,of Islam ,٤ ,P.٩٨٣
(٢) خروج ٢ : ١٥ ـ ٢٥
(٣) أنظر : J. Horovitz, Koranische Untersuchungen, Berlin, ٦١٩١, P. ٩١١ FFEI, ٤, P. ٩
(٤) ابن كثير ١ / ١٨٤ ـ ١٨٥ ، ياقوت ٥ / ٧٧ ـ ٧٨ ، ١٥٣ ـ ١٥٤ ، تفسير المنار ٨ / ٥٢٤
(٥) قاموس الكتاب المقدس ص ٨٥٠