(٤) القرآن كمصدر تاريخي
القرآن الكريم كمصدر تاريخي لا ريب أنه أصدق المصادر وأصحها على الاطلاق ، فهو موثوق السند ـ كما بينّا آنفا ـ ثم هو قبل ذلك وبعده كتاب الله الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (١) ، ومن ثم فلا سبيل إلى الشك في صحة نصه (٢) بحال من الأحوال ، لأنه ذو وثاقة تاريخية لا تقبل الجدل ، فقد دون في البداية بإملاء الرسول ، (صلىاللهعليهوسلم) ، وتلي فيما بعد وحمل تصديقه النهائي قبل وفاته (٣) ، ولأن القصص القرآني إنما هو أنباء وأحداث تاريخية ، لم تلتبس بشيء من الخيال ، ولم يدخل عليها شيء غير الواقع (٤) ، وأنه كما يقول سبحانه وتعالى (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) (٥) ، ثم أن الله عزوجل قد تعهد ـ كما أشرنا من قبل ـ بحفظه دون تحريف أو تبديل.
ويرى الدكتور دراز أن تسمية القرآن الكريم ، بالقرآن وبالكتاب ، إنما تعني الأولى كونه متلوا بالألسن ، بينما تعني الثانية كونه مدونا بالأقلام ، وأن في تسمية القرآن الكريم بهذين الاسمين ، إشارة إلى أن الله سوف يحفظه في موضعين ، لا في موضع واحد ، أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعا ، أن تضل إحداهما فتذكر الأخرى ، فلا ثقة لنا لحفظ حافظ ، حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب ، المنقول إلينا جيلا بعد جيل على هيئته التي وضع عليها أول مرة ، ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح
__________________
(١) سورة فصلت : آية ٤٢
(٢) طه حسين : في الأدب الجاهلي ـ القاهرة ١٩٣٣ ص ٦٨
(٣) محمد عبد الله دراز : المرجع السابق ص ٤٩
(٤) عبد الكريم الخطيب : القصص القرآني ، القاهرة ١٩٦٤ ص ٥٢
(٥) سورة الإسراء : آية ١٠٥