(١) القصة في المصادر العربية
لا ريب في أن الفضل ـ كل الفضل في كل ما جاء في المصادر الإسلامية عن تعذيب «ذي نواس» لنصارى نجران إنما يرجع إلى القرآن الكريم الذي أشار إلى الحادث في قوله تعالى «قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ ، النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ ، إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ ، وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ، وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ، الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ» (١) ، ومن ثم فقد كانت هذه الإشارة حافزا دفع بالمفسرين وأصحاب التاريخ والأخبار على جمع ما علق بالأذهان عن الحادث الخطير.
ولعل من الأفضل هنا ـ قبل أن نناقش روايات المؤرخين والمفسرين التي دارت حول هذا الحادث ـ أن نثبت ـ بادئ ذي بدء ـ تلك الرواية الصحيحة ، التي جاءت في صحيح الإمام مسلم عن رسول الله ، (صلىاللهعليهوسلم) ، والتي تتلخص في أن ملكا كان له ساحر ، وان هذا الساحر قد طلب من مليكه عند ما بلغ من الكبر عتيا ، أن يبعث إليه بغلام يعلمه السحر ، فأجابه الملك إلى طلبه ، غير أن راهبا كان في طريق الغلام إلى الساحر ، فكان يقعد إليه ويسمع منه ، مما كان سببا في أن يتأخر عن الساحر ، الذي كان يضربه بسبب تأخره عنه.
ومرت الأيام ، وبينما كان الغلام في طريقه إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس ، فأخذ حجرا وقال : «اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس فرماها فقتلها ،
__________________
(١) سورة البروج : آية ٤ ـ ٩