والعصر ، ثم راح إلى الموقف من عرفة ، الذي يقف عليه الإمام ، فوقف به على الأراك ، فلما غربت الشمس دفع به ومن معه حتى أتى المزدلفة فجمع بين الصلاتين ، المغرب والعشاء الآخرة ، ثم بات بهما ومن معه ، حتى إذا طلع الفجر صلى الغداة ، ثم وقف على قزح حتى إذا أسفر دفع به وبمن معه يريه ويعلمه كيف يصنع حتى رمى الجمرة ، وأراه المنحر ، ثم نحر وحلق ، وأراه كيف يطوف ، ثم عاد به إلى منى ليريه كيف رمى الجمار ، حتى فرغ من الحج ، ويروى عن النبي (صلىاللهعليهوسلم) ، أن جبريل هو الذي أرى إبراهيم كيف يحج (١).
(٢) الكعبة بعد إبراهيم واسماعيل
ظلت الكعبة بعد إبراهيم وإسماعيل ، عليهماالسلام ، حرما آمنا ، يقدسه العرب ، على أنه البيت الحرام الذي بناه أبوهم إبراهيم وولده إسماعيل ، ثم ما لبثت هذه القداسة إن امتدت إلى مكة ومجاوراتها ، بل إن صاحب كتاب «الاصنام» ليرى أنه كان لا يظعن من مكة ظاعن ، إلا وقد حمل معه حجرا من حجارة الكعبة ، تعظيما لها ، وصبابة بمكة ، فحيثما حلو وضعوه وطافوا به كطوافهم بالكعبة ، تيمنا منهم بها ، وصبابة بالحرم وحبا له ، وهم بعد يعظمون الكعبة ومكة ، ويحجون ويعتمرون ، على إرث أبيهم إسماعيل من تعظيم الكعبة والحج والاعتمار (٢).
ويروي الأخباريون أن المكيين كانوا يعظمون البيت ويقدسونه ، حتى أنهم كانوا يرون أن من علا الكعبة من العبيد فهو حر ، حتى لا يجمع بين
__________________
(١) تاريخ الطبري ١ / ٢٦٠ ـ ٢٦٢ ، تفسير الطبري ٣ / ٧٦ ـ ٨٠ ، الأزرقي ١ / ٦٦ ـ ٧٢ ، تاريخ اليعقوبي ١ / ٢٧ ، ياقوت ٤ / ٤٦٥ ، تفسير القرطبي ٢ / ١٢٨ ـ ١٣٠ ، ابن الأثير ١ / ١٠٧
(٢) راجع كتاب الأصنام لابن الكلبي ، وانظر كذلك العقد الثمين ١ / ١٣٦ ، نهاية الأرب ١ / ٢٤٥ ، ابن هشام ١ / ٥١