(ح) قصة الذبيح والتضحية البشرية
عرفت بعض مجتمعات الشرق الأدنى القديم نظام الضحايا البشرية التي كانت تقدم على مذابح الآلهة وعند دفن الملوك ، وتدلنا حفائر «أور» السومرية على قدم تلك العادة ، إذ كان الملوك يدفنون ومعهم حاشيتهم ووزرائهم ، ولا يبدو من هيئة جثمانهم أنهم ماتوا على الرغم منهم ، فليس منهم من وجدت جثته وفيها أثر الذبح أو الخنق أو القتل أو الضرب العنيف ، ولهذا يعتقد «سير ليونارد وولي» أنهم كانوا يتجرعون باختيارهم عقارا ساما يخدرهم ويميتهم ، إيمانا منهم بالانتقال مع الملوك الأرباب إلى حالة في السماء ، كحالتهم في الحياة الأرضية ، هذا وقد وجدت على بعض أختام الطين صور آدميين يلبسون قناعا يشبه رأس الحيوان ، والمظنون أن هذا الذي كان مقدمة للذبح الرمزي ، واجراء الشعائر مجرى التمثيل المقدس في الاحتفالات العامة ، ولا سيما الاحتفال برأس السنة (١).
وتدلنا مقبرة «زفاحعبي» ـ الحاكم المصري في كرمه بالسودان على أيام الأسرة الثانية عشرة (١٩٩١ ـ ١٧٨٦ ق. م.) ـ على إتباع نفس العادة ، إذ ضحى باكثر من مائتي شخص من خدمه وأتباعه ، ثم دفنوا في الممر المؤدي إلى قبره ، ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن هذه العادة ربما كانت معروفة في مصر في عهد ما قبل الأسرات ، وربما في الأسرة الأولى كذلك ، ولكنها انقرضت بعد ذلك (٢).
ولم يكن الأمر مختلفا بالنسبة إلى الكنعانيين والفينيقيين ، فقد كانت
__________________
(١) عباس العقاد : إبراهيم أبو الأنبياء ص ١٧٢ ، وأنظر وكذاL. woolley, ur of the chaldees, EXCAVATIONS ATUR, ٣٦٩١ وكذا Hooke ,Origins of Early Semitic Ritual
(٢) أحمد فخري : مصر الفرعونية ص ٣٢٠