كتب ، تذاكره الناس ، وتعرفوه وأقروه ، فكان المكتوب متواترا بالكتابة ، ومتواترا بالحفظ في الصدور ، وما تمّ هذا لكتاب في الوجود غير القرآن ، وتلك ـ ويم الله ـ عناية من الرحمن خاصة بهذا القرآن العظيم (١).
(٣) مصحف عثمان
وتمر الأيام ، وتمضي السنون ، وفي عهد ذي النورين ـ عثمان بن عفان ، رضياللهعنه وأرضاه ـ (٢٤ ـ ٣٥ ه ـ ٦٤٤ ـ ٦٥٦ م) تتسع الفتوحات الإسلامية ، ويتفرق المسلمون في الأقطار والأمصار ، ويشرح الله صدر الخليفة الراشد إلى جمع القرآن الكريم في مصحف واحد ، وذلك في العام الرابع والعشرين (أو أوائل الخامس والعشرين) من هجرة المصطفى ـ عليه الصلاة والسلام ـ ثم كتب منه سبعة مصاحف (٢) ، وبعث منها إلى كل من مكة والشام واليمن والبحرين والبصرة والكوفة ، وحبس بالمدينة واحدا (٣) ، ويبدو أن عبد الله بن مسعود ، قد خالطه شيء من غضب ـ كما سنوضح ذلك فيما بعد ـ ومن ثم فقد أمر أصحابه بغل مصاحفهم ، لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الإمام ، غير أن الصحابي الجليل سرعان ما عاد إلى رأي جماعة المسلمين ، ويروى أن الإمام علي ـ كرم الله وجهه ـ قال : «لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا» ، وهكذا يتفق الأئمة الأربعة (أبو بكر وعمر وعثمان وعلي) ، على أن ذلك العمل العظيم ، إنما كان من
__________________
(١) محمد أبو زهرة : القرآن ص ٣٣ ـ ٣٥ ، الصديق أبو بكر ص ٣٢٢ ـ ٣٢٣
(٢) اختلف العلماء في عدد هذه المصاحف ، فمن قائل أنظر أربعة ، وأن الخليفة بعث بها إلى الكوفة والبصرة والشام ، وترك واحدا بالمدينة ، ومن قائل خمسة ، ومن قائل أنها سبعة (الاتقان ١ / ٦٢ ، البرهان ٢ / ٢٤٠ وكذاT.Noeldeke ,op - cit ,P.٤٣٢)
(٣) كتاب المصاحف ص ٣٤