الْمُؤْمِنِينَ ، وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ» (١)
ولعل سؤال البداهة الآن : من هو الذبيح من ولدي إبراهيم؟ وهو في الواقع سؤال ، ما تزال الإجابة عنه موضع خلاف بين اليهود والنصارى من ناحية ، والمسلمين من ناحية أخرى ، فضلا عن أن قصة الذبيح عند اليهود ، تحتل مكانة تختلف عنها عند المسلمين ، ولنحاول الآن أن نتعرف وجهات النظر المختلفة.
(أ) وجهة النظر اليهودية والمسيحية
يختلف اليهود والنصارى عن المسلمين في اسم الذبيح ، فبينما يرى المسلمون أنه إسماعيل ، يذهب اليهود والنصارى إلى أنه إسحاق ، فضلا عن أن قصة الذبيح هذه ، إنما تحتل في التاريخ اليهودي مكانة تختلف عنها عند المسلمين ، والذي يقرأ تاريخ اليهود ليرى أن هذا الاختلاف له جانب هام يفوق في أهميته جانب البحث التاريخي ، الذي يراد به معرفة اسم الذبيح من ولدي إبراهيم ، لأنه في الواقع إختلاف يتعلق به ـ في نظرهم ـ اختيار الشعب الموعود ، كما يتعلق به الحذف والإثبات في سيرة إبراهيم ليتصل بذرية إسحاق ، وينقطع عن ذرية إسماعيل ، أو ليثبت من سيرته كل ما يتعلق بإسرائيل ، ونقطع منها كل ما يتصل بالعرب ، وأن هذا النزاع قد بدأ قديما قبل تدوين نسخ التوراة التي كتبت في بابل ـ أثناء السبي البابلي في القرن السادس قبل الميلاد ـ وواضح أن هذا النزاع في أوله ، لم يكن نزاعا على العقيدة ، فإن التوراة (٢) تروى أن إبراهيم قد قدّم العشر لملكي صادق ، كاهن الله العلي أو عليون ، الذي كان معبود
__________________
(١) سورة الصافات : آية ٩٩ ـ ١٠٢
(٢) سفر التكوين ١٤ : ١٨ ـ ٢٠