ومنها (خامس عشر) ما تدل عليه الأخبار المروية عن النبي (صلىاللهعليهوسلم) ، في تسمية سورة (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فاتحة الكتاب ، فلو لا أنه (صلىاللهعليهوسلم) ، أمر اصحابه بأن يرتبوا هذا الترتيب عن أمر جبريل عليهالسلام ، عن الله عزوجل ، لما كان لتسمية هذه السورة «فاتحة الكتاب» معنى ، إذ قد ثبت بالإجماع أن هذه السورة ليست بفاتحة سور القرآن نزولا ، فثبت أنها فاتحته نظما وترتيبا وتكلما ، (١) ، ومنها (سادس عشر) ما يروى عن ابن عباس أن النبي ، (صلىاللهعليهوسلم) ، لم يكن يعلم ختم السورة حتى نزل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، وهذا أيضا من أدل الدليل على أن ترتيب السور التي في أيدينا هو ما كان عليه في اللوح المحفوظ (٢) ، وأن السورة كانت تنزل في أمر يحدث ، والآية جوابا لسؤال ، ويوقف جبريل رسول الله على موضع السورة والآية ، فاتساق السور كاتساق الآيات والحروف ، فكله عن رسول الله ، عن رب العالمين ، فمن أخر سورة مقدمة أو قدم أخرى مؤخرة فهو كمن أفسد نظم الآيات ، وغير الحروف والكلمات (٣).
(٢) جمع القرآن في عهد أبي بكر
وجاء الصديق ـ رضياللهعنه وأرضاه ـ (١١ ـ ١٣ ه ـ ٦٣٢ ـ ٦٣٤ م) ، وكانت حروب الردة التي أبلى المسلمون فيها بلاء حسنا ، وليس من شك في أن أشدها عنفا وضراوة ، تلك التي دارت رحى الحرب فيها بين المسلمين ـ بقيادة خالد بن الوليد من ناحية ، وبين المرتدين ـ بقيادة مسيلمة بن حبيب الكذاب ـ من ناحية أخرى ، في
__________________
(١) نفس المرجع السابق ص ٤١ ـ ٤٢
(٢) نفس المرجع السابق ص ٤١
(٣) تفسير القرطبي ١ / ٥٠ ـ ٥١ ، ٦١ (القاهرة ١٩٦٧)