كان الوحي يلحقه به ، ومن ذلك أن جبريل قال للنبي (صلىاللهعليهوسلم) حين أوحى إليه قوله تعالى (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) «يا محمد ضعها في رأس ثمانين ومائتين من البقرة (١)» ، ومنها (حادي عشر) إن ترتيب السور ووضع البسملة في الأوائل ، إنما هو توقيف من النبي ، عليه الصلاة والسلام ، حتى أنه عند ما لم يؤمر بذلك في أول سورة براءة ، تركت بلا بسملة ، والأمر كذلك بالنسبة إلى تقديم سورتي البقرة وآل عمران ، رغم نزول بضع وثمانين سورة قبلهما ، ذلك لأنه (صلىاللهعليهوسلم) كان يقول : «ضعوا هذه السورة موضع كذا وكذا من القرآن (٢)».
ومنها (ثاني عشر) أن رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) ، كثيرا ما كان يتلو في الصلاة ـ وفي غير الصلاة ـ سورة كاملة ، منها البقرة وآل عمران والنساء والاعراف والنجم والرحمن والقمر والجن وغيرها ، وهذا كله صريح في الدلالة على أن ترتيب الآيات في السور قد تمّ بتوقيف النبي ، وأنه قبض وهذا الجمع تام معروف للمسلمين ، ثابت في صدور القراء والحفاظ (٣) ، ومنها (ثالث عشر) ما نقله الرواة من أن رسول الله ، (صلىاللهعليهوسلم) ، قال لعبد الله بن عمرو بن العاص : اقرأ القرآن في كذا ليلة يدعوه إلى التيسير ، وهو يقول : إني اطيق أكثر من ذلك ، إلى أن قال له : اقرأ القرآن في ثلاث ليال (٤) ، ومنها (رابع عشر) أن هناك كثيرا من أحاديث الرسول ، (صلىاللهعليهوسلم) ، تتحدث عن فضائل سور معينة (٥).
__________________
(١) نفس المرجع السابق ص ٣١٠ ، تفسير القرطبي ١ / ٦٠ ـ ٦١ ، مقدمتان في علوم القرآن ص ٤١ ،
(٢) تفسير القرطبي ١ / ٥٩ ـ ٦٠ ، ٨ / ٦١
(٣) مقدمتان في علوم القرآن ص ٢٦ ـ ٢٧ ، ٢٩ ـ ٣١ ، الصديق ابو بكر ص ٣١١
(٤) انظر روايات أخرى للحديث الشريف (مقدمتان في علوم القرآن) ص ٢٧ ـ ٢٨
(٥) مقدمتان في علوم القرآن ص ٢٩ ـ ٣٠ ، ٦٤ ـ ٧٤ [مقدمة كتاب المباني ومقدمة ابن عطية ، وقد صححه ونشره الدكتور آرثر جفري ـ القاهرة ١٩٥٤ م]