بسم الله الرّحمن الرّحيم
والصلاة والسلام على محمد المبعوث رحمة للعالمين
تقديم
لا ريب في أن القرآن الكريم كمصدر تاريخي ، إنما هو أصدق المصادر وأصحها على الإطلاق ، فهو موثوق السند ، ثم هو قبل ذلك وبعده ، كتاب الله الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (١).
ومن ثم فلا سبيل إلى الشك في صحة نصه بحال من الأحوال ، لأنه ذو وثاقة تاريخية لا تقبل الجدل ، ذلك لأن القرآن الكريم إنما دون في البداية بإملاء الرسول ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ وتلي فيما بعد وحمل تصديقه النهائي قبل أن ينتقل ـ عليه أفضل الصلاة والسلام ـ إلى الرفيق الأعلى (٢) ، ولأن القصص القرآني إنما هو أنباء وأحداث تاريخية لم تلتبس بشيء من الخيال ، ولم يدخل عليها شيء غير الواقع (٣).
ثم إن الله سبحانه وتعالى قد تعهد بحفظه دون تحريف أو تبديل ، يقول عزّ من قال : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٤) ، ويقول (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) (٥) ، ومن ثم فلم يصبه ما أصاب الكتب الماضية من التحريف والتبديل وانقطاع السند ، حيث لم يتكفل الله بحفظها ، بل وكلها إلى حفظ الناس ، فقال
__________________
(١) سورة فصلت : آية ٤٢
(٢) محمد عبد الله دراز : مدخل إلى القرآن الكريم ص ٤٩
(٣) عبد الكريم الخطيب : القصص القرآني ص ٥٢
(٤) سورة الحجر : آية ٩
(٥) سورة القيامة : آية ١٧ ـ ١٩