(٤) المديانيون وبنو اسرائيل
تنسب التوراة المديانيين إلى الخليل عليهالسلام ـ كما أشرنا من قبل ـ ومن ثم فهم أبناء عمومة للعرب والإسرائيليين سواء بسواء ، فالكل أبناء إبراهيم ، وإن اختلفت الأمهات ، فالعرب أبناء إسماعيل ولد إبراهيم من هاجر ، والإسرائيليون أبناء إسحاق ولد إبراهيم من سارة ، والمديانيون أبناء مديان ولد إبراهيم من قطورة (١).
هذا ويظهر المديانيون في التوراة على أنهم كانوا في رفقة الإسماعيليين ـ أبناء عمومتهم ـ حين بيع الصديق لهم. وإن موسى قد هرب إليهم من مصر ، حيث وجد عندهم المأوى ـ فضلا عن الزوج والولد ـ وبقي كليم الله هناك في ضيافة صهره كاهن مدين أربعين عاما (٢) ، وحين خرج من مصر ببني إسرائيل التقاه صهره في سيناء ، حيث كان له الناصح الأمين ، إذ أن أمور القوم ـ كما تصورها التوراة ـ كانت إلى فوضى واختلال ، لو ترك موسى وشأنه ، فيما كان قد اتبع من وسائل تدبير ، ولم تكن بالأسلوب القويم ، إنما الفضل لحميه يثرون كاهن مديان ، يلقنه كيف يكون تنظيم بني إسرائيل في هيكل من تسلسل قيادي ، فيختار من ذوي القدرة
__________________
(١) تكوين ١٦ : ١٥ ـ ١٦ ، ٢١ : ٢ ـ ٣ ، ٢٥ : ١ ـ ٢ ، أخبار أيام أول : ١ : ٢٨ ـ ٣٤
(٢) لاحظ الخلاف بين التوراة والقرآن في المدة التي قضاها موسى في مدين ، فالقرآن الكريم يرى انها ثماني حجج أو عشر يقول تعالى «قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ، قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَّ وَاللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ» (سورة القصص : آية ٢٧ ـ ٢٨) ، وتذهب التقاليد اليهودية والنصرانية على ان موسى أقام في مدين أربعين عاما (اعمال الرسل ٧ : ٣٠ ، شاهين مكاريوس ، المرجع السابق ص ٤٠) وانه حين خرج من مصر لاجئا إلى مدين كان في الأربعين من عمره (خروج ٧ : ٦ ، أعمال الرسل ٧ : ٢٣) وأنه مكث في التيه اربعين عاما (عدد ١٤ : ٣٣ ، أعمال الرسل ٧ : ٣٠٦ ، ٤٢) وأنه مات وهو ابن مائة وعشرون سنة (تثنية ٣٤ : ٧) ، وانظر تاريخ ابن خلدون ٢ / ٤٣ ، ٨٢