طبرية ، طالبا منهم بذل الجهود الجادة لإيقاف هذه المذابح البشرية ، ورغم ما تفيض به الرسالة من عواطف شخصية ، ومن مبالغات متعمدة لإثارة الحمية الدينية عند رجال الدين المسيحي ، ورعم أن ما جاء بها على لسان ملك حمير ، إنما هو من كلام شمعون ، وليس كلام الملك الحميري فإن الرسالة بصفة عامة صحيحة ، ومن ثم فهي وثيقة تاريخية يمكن أن ينظر إليها باهتمام (١).
هذا وقد تحدثت المصادر السريانية كذلك عن شهداء نجران ، ومنها كتاب ينسب إلى «يعقوب السروجي» ، وقصيدة في رثاء الشهداء لأسقف الرها «بولس» ، فضلا عن نشيد كنسي سرياني لرئيس دير قنسرين «يوحنا بسالطس» المتوفي عام ٥٢٦ م ، أو ٦٠٠ م (٢).
(٣) الاحتلال الحبشي وعلاقته بقصة الأخدود
ليس من شك في أن العلاقة بين اليمن والحبشة ، إنما ترجع إلى عصور موغلة في القدم ، قد تبعد عن الميلاد بقرون طويلة ، وربما كان ذلك بسبب قرب الحبشة من اليمن ، حيث لا يفصل بينهما إلا مضيق باب المندب الضيق ، والذي كان يمكن عبوره بسهولة بوسائل النقل التي كانت متاحة في تلك العصور الخالية ، ومن ثم فقد تبادل الفريقان الهجرات ، وهكذا رأينا هجرات عربية تنتقل من بلادها إلى الشواطئ الأفريقية المقابلة ، كما رأينا كذلك هجرات إفريقية إلى العربية الجنوبية ، فضلا
__________________
(١) عبد المجيد عابدين : المرجع السابق ص ٥٥ ـ ٥٦ ، جواد علي ٣ / ٤٦٤ ـ ٤٦٥ ، وكذاJ.B.Bury ,op - cit ,P.٣٢٣ وكذاZDMG ,٥٣ ,١٨٨١ ,PP.٢ ـ ٤ وكذاFragmants Histori ,Greega ,IV ,P.٧٧١
(٢) جواد علي ٣ / ٤٦٥ ، اللؤلؤ المنثور في تاريخ الآداب والعلوم السريانية ص ٢٥٤ ، وكذاJ.B.Bury ,op - cit ,P.٤٢٣ وكذاZDMG ,١٣ ,P.P.٤٢٣ ,٠٠٤ ,٥٣ ,P.٤