بل إن «ثيوفانس» و «سدرينوس» قد حدداها بالعام الخامس من حكم هذا القيصر (أي عام ٥٢٣ م) ، وأن سبب قيام الحملة إنما كان تعذيب ذي نواس ـ الذي قتل في المعارك ـ لنصارى نجران ، على أنهما يتحدثان كذلك عن غزو آخر قام به الملك الحبشي «أداد» ضد «دمياتوس» ، وأن هذا الغزو الأخير قد حدث في العام الخامس عشر من عهد القيصر «جستنيان» ٥٢٧ ـ ٥٦٥ م) ، أي في عام ٥٤٢ م (١).
وهناك رواية يونانية إلى أن «ذا نواس Dunaas» ملك حمير ، قد عذب نصارى نجران في العام الخامس من عهد الأمبراطور «جستين» (أي عام ٥٢٣ م) ، ومن ثم فقد قام نجاشي الحبشة بغزو حمير ، ففر ذو نواس إلى الجبال ، حتى إذا ما واتته الفرصة انقض على الجيش الحبشي ، فأباده واحتل نجران ، مما اضطر الأحباش إلى القيام بحملة ثانية ، انتصرت على الملك الحميري ، وعينت مكانه «أبرهة Abrames» (٢).
ولعل من أهم الوثائق المسيحية التي تتصل بتعذيب نصارى نجران ، إنما هي «رسالة مار شمعون» أسقف بيت رشام إلى رئيس أساقفة «دير جبلة» ، يصف فيها ما سمعه من شهود عيان من أهل اليمن عن تعذيب نصارى نجران ، وما لا قوة هناك من صنوف التعذيب ، ثم يتحدث بعد ذلك «مار شمعون» في رسالته عن الرسالة التي ارسلها ملك حمير إلى ملك الحيرة ، وفيها يطلب منه أن يفعل بنصارى مملكته ، ما فعله هو بنصارى نجران ، وأن شمعون قد تأكد بنفسه من الحادث ، وذلك حين أرسل من قبله رسولا ليأتيه بالخبر اليقين ، ومن ثم فقد وجه شمعون نداء إلى كل الأساقفة الرومان ، وإلى بطريق الإسكندرية ، وإلى أحبار
__________________
(١) جواد على ٣ / ٤٦٢ وكذا انظرJ.H.Mordtmann ,ZDMG ,١٣.٧٧٨١.p.٧٦ وكذاTheophanes ,١ ,٦٤٣
(٢) جواد علي ٣ / ٤٦٣ ، وكذاJ.H.Mordtnann ,op - cit ,p.٧٦.