عن هجرات مرتدة من هذا الجانب أو ذاك ، إلى جانب حملات عسكرية من الجانب العربي ـ وكذا من الجانب الافريقي ـ نجحت في أن تحتل جزءا كبيرا أو صغيرا من هذه المنطقة أو تلك.
هذا ويذهب كثير من الباحثين إلى أن العرب الساميين ، إنما كانوا يتجهون إلى إفريقية منذ وقت مبكر ، على دفعات متعددة ، وفي أوقات مختلفة ، وهكذا رأينا في الألفي سنة قبل الميلاد جماعات عربية تهاجر من جنوب غربي شبه الجزيرة العربية إلى الحبشة (١) ، ويرى «كارل بيترز» أن هناك جالية حميرية كانت تعيش في المنطقة الواقعة بين نهري الزمبيزي واللمبوبو منذ الألف الثاني قبل الميلاد ، وأن المعبد الكبير في «زمببويه» إنما بني في عام ١١٠٠ قبل الميلاد ، وأن السبئيين كانوا أصحاب السيادة في ذلك الوقت (٢).
على أن الأمر إنما يزداد وضوحا منذ القرن السادس ق. م. ، حيث نزحت جالية سبئية إلى المنطقة المعروفة بـ «تعزية» في أرتيريا ـ وكذا إلى هضبة الحبشة ـ مكونة حكومة محلية هناك (٣) ، ولعل هجرة الأوسانيين إلى السواحل الأفريقية ، إنما كانت في نفس تلك الفترة ، حيث اتخذوا من «عزانيا» مقرا لهم ، ثم سرعان ما أخذوا يشقون طريقهم نحو الجنوب ، ويحدثنا صاحب كتاب «الطواف حول البحر الأريتري» أن هذه المنطقة التي شغلها الأوسانيون ، إنما كانت تسمى على أيامه «Ausaniteae» ، وهو اسم لا شك أنه قريب من اسم «أوسان» وأن
__________________
(١) مصطفى محمد مسعد : الإسلام والنوبة في العصور الوسطى ص ١٠٧
(٢) فضلو حوراني : المرجع السابق ص ١٢٨ وكذا C. Peters, The Eldorado of the Ancients, P. P. ١٧٢ ـ ٤١
(٣) A.Grohmann ,op - cit ,P.٥٢