مكان من الصحراء في طرف اليمامة يسمى «عقرباء» (١) ، وانتهت بفرار مسيلمة وأتباعه ، إلا أن المسلمين تبعوه ، واشتبك الفريقان من جديد ، وقتل مسيلمة وعشرة آلاف من أتباعه ، كما استشهد كثير من وجوه المسلمين وقراء القرآن الكريم ـ قيل سبعون ، وقيل قريب من خمسمائة ، وقيل سبعمائة ـ وسمي المكان الذي دارت فيه المعركة «حديقة الموت» ، كما سمي يوم المعركة «بيوم اليمامة» (٢).
وبدأ عمر بن الخطاب ـ رضياللهعنه ـ يحس بالخطر الداهم ، الذي لاحت نذره في معركة اليمامة ، ويوشك أن يلتهم كل حفاظ القرآن من الصحابة ـ رضياللهعنهم ـ وهم الشهود العدول على وثاقة النص المكتوب ، وقد كان مفرقا في لخاف وكرانيف وعسب. أضلاع وأكتاف ، إلى جانب ما كان في الصدور ، ولم يأخذ بعد صورة الكتاب الواحد ، اللهم إلا في صدور الصحابة الذين جمعوه حفظا في عهد رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) وقد بدأت الحرب تقرضهم واحدا إثر واحد (٣).
وهكذا ـ وكما يروي الإمام البخاري في صحيحه عن زيد بن ثابت (٤) ـ أن الفاروق عمر جاء إلى أبي بكر ، فقال : إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن ، وإني أخشى أن يستمر القتل بالقراء في كل المواطن ،
__________________
(١) أنظر عن «عقرباء» : ياقوت ٤ / ١٣٥ ، البكري ٣ / ٩٥٠ ، كتاب الحربي ص ٦١٦ (حيث يضعها مكان بلدة الجبيلية الحالية على ضفة وادي حنيفة) ثم قارن : صحيح الأخبار ١ / ١٩٦ ، ٢ / ١٦٩ ، ٥ / ٩٣
(٢) ياقوت ٢ / ٢٣٢ ، ٤ / ٤٤٢ ، مروج الذهب ٢ / ٣٠٣ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ٧٤ ـ ٧٦ من القسم الثاني ، صحيح الأخبار ١ / ١٩٦ ، ابن الاثير ٢ / ٣٦٠ ـ ٣٦٧ ، تاريخ الطبري ٣ / ٢٨١ ـ ٣٠١ ، الاتقان ١ / ٥٩ ، تفسير القرطبي ١ / ٥٠ ، فضل القرآن ص ١٥ ـ ١٧ ، الصديق ابو بكر ص ١٥٢ ـ ١٦٨
(٣) عبد الصبور شاهين : تاريخ القرآن ص ١٠٢
(٤) صحيح البخاري ٢ / ١٩٦ (طبعة البهية)