مصلحة الدين (١)
ويرى العلماء أن الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان ، أن الأول كان عبارة عن جمع القرآن وكتابته في مصحف واحد مرتب الآيات على ما وقفهم عليه النبي (صلىاللهعليهوسلم) خشية أن يذهب من القرآن شيء ، بسبب موت كثير من الحفاظ بعد موقعة اليمامة ، وأن الثاني كان عبارة عن نسخ عدة نسخ من المصحف الذي جمع في عهد أبي بكر لترسل إلى البلاد الإسلامية ، وأن السبب في ذلك ، إنما هو إختلاف بعض القراء في قراءة آيات من القرآن الكريم ، ذلك أن «حذيفة بن اليمان» ـ فيما يروي الإمام البخاري في باب فضل القرآن ، عن أنس بن مالك ـ قدم علي على عثمان بن عفان ، بعد غزوة في أذربيجان وأرمينية ، رأى فيها القوم من أهل العراق والشام مختلفين على قراءة القرآن ، فأخبره بالذي رأى ، وطلب منه أن يدرك الأمة قبل أن يختلفوا في القرآن إختلاف اليهود والنصارى في الكتب ، ومن ثم فإن الخليفة سرعان ما يرسل في طلب المصحف الذي عند حفصة ، ويأمر زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن هشام ، أن ينسخوها في المصاحف ، وقال لهم : «إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن ، فاكتبوها بلسان قريش ، فإن القرآن أنزل بلسانهم» ، ففعلوا ذلك حتى كتبت في المصاحف (٢) ، ويروى أن هناك خلافا قد حدث على كتابة كلمة
__________________
(١) فضائل القرآن ص ١٨ ـ ١٩ البرهان ١ / ٢٣٠ ، تفسير القرطبي ١ / ٥٢ ـ ٥٥ ، فتاوى ابن تيمية ٤ / ٣٩٩ ـ ٤٠٠ ، محمد أبو زهرة : القرآن ص ٤٤ ـ ٤٦ ، وكذاSchwally, Geschichte des Qurans, ٨٣٩١. ٢, P. ٢٩
(٢) الإتقان ١ / ٦٠ ـ ٦٣ ، فتاوى ابن تيمية ١٥ / ٢٥١ ـ ٢٥٢ ، تفسير القرطبي ١ / ٦٠ ـ ٦٢ ، السجستاني ص ١٨ ـ ٢٦ صحيح البخاري ٦ / ٩٨ ، فضائل القرآن ص ١٩ ، مقدمتان في علوم القرآن ص ٥١ ـ ٥٢ ، فتاوى ابن تيمية ١٣ / ٣٩٦ ، قارن ١٣ / ٤٠٩ ـ ٤١٠ ، وكذاR.Blachere ,op - cit ,P.٣٥ وكذاEI ,P.٨٧٠١ وكذا عبد المنعم ماجد : المرجع السابق ص ٢٥٠ ـ ٢٥٢