عز علوها ، وذل الرق (١) ، على أن هذه القداسة للبيت الحرام ، لم تكن مقصورة على المكيين وحدهم ، وإنما امتدت إلى سائر العرب الذين كانوا يشدون الرحال من جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية إلى مكة في مواسم معينة ، ليحجوا إلى البيت الحرام وليشهدوا منافع لهم في الأسواق التجارية ، التي كانت تعقد في موسم الحج من كل عام ـ هو الربيع على رأي ، والخريف على رأي آخر (٢).
ويرى «فلهاوزن» أن الشهر الحرام المذكور في القرآن الكريم في قوله تعالى «جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ ، وَالشَّهْرَ الْحَرامَ» (٣) ، هو شهر الحج ـ وهو الشهر الأول من السنة ، أي المحرم ـ بينما يرى المفسرون أنه رجب أو ذو القعدة أو ذو الحجة (٤) ، ويذهب المسعودي إلى أن الأشهر ؛ إنما هي المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة ، وأما شهور الحج فهي شوال وذو القعدة وعشرة من ذي الحجة (٥) ، وعلى أي حال ، فلقد تحدث القرآن الكريم عن الأشهر الحرم ، ورغم أنه لم يعلن عن أسمائها ، ولم يزد عن أنها أربعة حرم (٦) ، فإن الروايات المتواترة ، إنما تذهب إلى أنها : رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم (٧) ، والأشهر الثلاثة الأخيرة هي أشهر الحج ، فيما قبل الإسلام ، أما رجب ، فقد كان المكيون ـ فيما يرى البعض ـ يحتفلون فيه بعيد ديني ، ربما كان خاصا بقبائل مضر أو
__________________
(١) الثعالبي : ثمار القلوب ص ١٨
(٢) SEL ,P.٤٢١
(٣) سورة المائدة : آية ٩٧
(٤) جواد علي ٦ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠ وكذاShorter ,Ency ,of Islam ,P.٩٠٤
(٥) مروج الذهب ٢ / ١٨٩ ، تفسير القرطبي ٢ / ٤٠٥ ، تفسير الطبري ٤ / ١١٥ ـ ١٢١ (طبعة دار المعارف) ، عبد المنعم ماجد : المرجع السابق ص ٨١
(٦) سورة البقرة : آية ١٩٧ ، سورة التوبة : آية ٥ ، ٣٦
(٧) صحيح البخارى ٦ / ٦٦ ، ابن سعد ٢ / ٢٧ ، السهيلي ٢ / ٦٠ ، ابن كثير ٥ / ١٩٥ ، مروج الذهب ٢ / ١٨٩ ، احمد إبراهيم الشريف : المرجع السابق ص ١٩٢