الإسلاميون في نسب النبي الكريم ، والغريب من الأمر ، أن واحدا منهم لم يقدم لنا دليلا على أن رأيه هو الصحيح ، وأن من خالفه كان على غير صواب.
هذا وقد وصل الخلاف كذلك إلى اسم النبي ذاته ـ وليس نسبه فقط ، ومن ثم فقد رأيناه ـ فيما يزعم أصحابنا الأخباريون ـ شعيبا مرة ، ولكنه مرة أخرى «يثرون» أو «يثروب» أو حتى «يثرو» ، ومرة ثالثة «يزون» أو حتى «بنزون» ، وهو من أبناء إبراهيم مرة ، وممن آمنوا به يوم ألقي به في النار ، ثم هاجر معه إلى الشام مرة أخرى ، ثم هو من أبناء بعض من آمن به مرة ثالثة ، وهو حفيد لوط من جهة أمه مرة رابعة (١).
ولكن أغرب ما في الأمر ، أن يصل ادعاء العلم عند البعض إلى أن يحول النبي العربي إلى يهودي ، فيزعم أنه «شعيب بن يشخر بن لاوي بن يعقوب» ، أو خبري بن يشجر بن لاوي بن يعقوب» (٢) ، ومن عجب أن «لاوي بن يعقوب» هذا ، ليس له ابنا يحمل اسم يشجر أو يشخر ، وإنما أسماء أولاده ـ كما جاءت في التوراة ـ «جرشون وقهات ومرارى» (٣) ،
وأخيرا ، فإن البعض إنما يزعم أن النبي الكريم قد ذهب مع المؤمنين به ـ بعد هلاك الكافرين به ـ إلى مكة ، حيث ماتوا هناك ، وأن قبورهم غربي الكعبة (٤) ، وإن زعم آخرون أن النبي الكريم إنما كان على مقربة من «حطين» في موقع سماه ياقوت «خبارة» ، أو «خربة مدين» فيما يزعم
__________________
(١) ابن كثير ١ / ١٨٥ ، أبو الفداء ١ / ١٨ ، الطبري ١ / ٣٢٥ ـ ٣٢٩ ، ابن الأثير ١ / ١٥٧
(٢) تفسير المنار ٨ / ٥٢٣ ـ ٥٢٤ ، تفسير روح المعاني ٨ / ١٧٥ ، نهاية الأرب للقلقشندي ص ٤١٦ ، ابن كثير ١ / ١٨٥
(٣) تكوين ٤٦ : ١١
(٤) تفسير روح المعاني ٩ / ٨ ، ابن كثير ١ / ١٩١