قد كبر وصار له ابن يحافظ على النسل في الأجيال القادمة لزالت العقبة ، ولكن كيف يتفق أن يموت إسحاق الذي لم يكن له ابن بعد ، وأن يتحقق الوعد الذي أعطي لإبراهيم ، بأن يكون له من إسحاق نسلا ، كرمل البحر وكنجوم السماء.
ومن هنا ـ وكما يقول الدكتور ماير (١) ـ كان الفكر الوحيد الذي ملأ قلب إبراهيم على أي حال ، هو «أن الله قادر على الإقامة من الأموات أيضا» ، وحل المشكلة على هذا الوجه جديد في المسيحية ، لم ينظر اليه أحبار اليهود الذين اعتبروا أن التضحية قائمة على تسليم إبراهيم بموت إسحاق ، وأنه أطاع الله ولم يطع قلبه ، ولم يحفل بحنانه على ابنه الموعود (٢) ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، فإن هذا الحل ، الذي ارتضاه فقهاء المسيحية ، إنما يقلل من قيمة تضحية إبراهيم وإذعانه لربه ، وإن لم يذهب بقيمتها تماما ، ما دام أنه كان على يقين من أن الله سوف يعيد الحياة إلى ولده ، بعد أن يقوم بذبحه بنفسه.
ومنها (ثالثا) أن حجتهم من أن إسحاق قد ولد بطريقة خارقة للطبيعة ، وأنه قد أعطي اسمه قبل أن تحمل به أمه فلعلهم يقصدون بالولادة الخارقة للعادة ، أن إسحاق ولد لإبراهيم وهو شيخ في المائة ، وامرأته عجوز في التسعين من عمرها (٣) ، فإذا كان ذلك كذلك ، فهو صحيح ، ولكن صحيح كذلك أن ولادة إسماعيل فيها نفس الأمر ، أو
__________________
(١) ف. ب. ماير : حياة إبراهيم ص ٢٥٦
(٢) تكوين ٢٢ : ١ ـ ١٨ ، وانظر : العقاد : المرجع السابق ص ٨٧
(٣) تكوين ١٧ : ١٧