ومنها (رابعا) أن حجتهم بأن إسحاق قد أعطى اسما قبل أن يولد ، فالرد على ذلك ، أن إسماعيل ـ وبنص التوراة ـ كذلك قد أعطى اسما قبل أن يولد (١) ، فإذا كان في ذلك كرامة لإسحاق ـ وهذا ما نعتقده ـ فهو كرامة لإسماعيل كذلك ، بل ان إسماعيل قد سبق إسحاق في هذه الكرامة ، إذ أعطى اسمه قبله ، بل إن التوراة نفسها إنما تتحدث عن البشارة بإسماعيل قبل أن تتحدث عن البشارة بإسحاق (٢) ، هذا إلى أن يحيى وعيسى قد أعطيا اسميهما قبل أن يولدا كذلك ، وإلى هذا يشير القرآن الكريم في قوله تعالى «فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ» (٣) ، ويقول «يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا» (٤) ، ويقول «إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ» (٥).
ومنها (خامسا) أن ما يزعمه الدكتور ماير من أن إسماعيل ابن الجارية ، وأن إسحاق ابن الحرة ، إنما هو يعتمد في ذلك على ما جاء في الإنجيل من «أنه مكتوب أنه كان لإبراهيم ابنان واحد من الجارية وآخر من الحرة ، لكن الذي من الجارية ولد حسب الجسد ، وأما الذي من الحرة فبالموعد» (٦) ، وهذا بدوره ليس إلا تكرارا لما جاء في التوراة (٧) ، وقد سبق لنا مناقشته ، وإن كان لزاما علينا أن نضيف جديدا هنا ، فهو
__________________
(١) تكوين ١٦ : ١١
(٢) تكوين ١٦ : ١٨
(٣) سورة آل عمران : آية ٣٩
(٤) سورة مريم : آية ٧
(٥) سورة آل عمران : آية ٤٥
(٦) الرسالة لأهل غلاطية ٤ : ٢٢ ـ ٢٣
(٧) تكوين ١٦ : ١ ـ ٩