أن القول بأن هاجر أم إسماعيل كانت جارية لسارة ، أمر يحتاج إلى إعادة نظر ، وقد سبق لنا مناقشته في كتابنا «إسرائيل» ، وخرجنا منه برأي جديد ـ تقدمنا به حدسا عن غير يقين ـ أنها ربما كانت ابنة واحد من كبار رجال الدين المصريين ، على أساس أنهم الطبقة المنتظر أن يكون الخليل أكثر اتصالا بها (١)
ومنها (سادسا) أن مفسري التوراة من المسيحيين يريدون أن يصبغوا هذه النصوص بالصيغة المسيحية ، ذلك لأن المسيحية ـ فيما يرى آباء الكنيسة وفقهاؤها ـ تحرم تعدد الزوجات ، فجعلوا من هاجر جارية ، وسارة زوجة شرعية ، وفاتهم أن الأسرة الإسرائيلية كانت تقوم على تعدد الزوجات ، كما كانت تساوي بين هؤلاء الزوجات في الحقوق والواجبات ، وأن كان عددهن يتفاوت قلة وكثرة ، حسب ثروة الزوج ومكانته ، ولو أن علماء التلمود يحددون للرجل أربع زوجات فقط ، وللملك ثماني عشرة زوجة ، كما أن قانون الملوك يمنعهم من المبالغة في اقتناء الزوجات «ولا يكثر له نساء لئلا يزيغ قبله» (٢) ، وقد استغل بعض الإسرائيليين هذا الحق ، فبالغوا فيه ، إذ «كان لجدعون سبعون ولدا خارجون من صلبه ، لأنه كانت له نساء كثيرات» (٣) ، وقد تزوج داود
__________________
(١) راجع كتابنا اسرائيل ص ٢١٠ ـ ٢١٣ مع ملاحظة أن هناك وجهات نظر أخرى ، منها أنها أميرة مصرية وقعت في أيدي العماليق ثم أهديت إلى إبراهيم ، ومنها أنها أخت زوج فرعون ، ومنها أنها ابنة أحد ملوك مصر .. (انظر : حبيب سعيد : المرجع السابق ص ٨٢ ، ف. ب. ماير : المرجع السابق ص ١٣٦ ، ٢٣٦ ، عبد الحميد السحار : بنو اسماعيل ص ٩٣ ، عبد الحميد واكد : نهاية اسرائيل ص ٨٨ ، شفاء الغرام ص ١٥ ، تاريخ الخميس ص ١٦٥ ، ياقوت : معجم البلدان ١ / ٢٤٩ (بيروت ١٩٥٥) وكذاCook ,op - cit ,P.٩٦٣ S.A.
(٢) تثنية ١٧ : ١٧ ، وكذا فؤاد حسنين : إسرائيل عبر التاريخ ١ / ٩٩
(٣) قضاة ٨ : ١٣