نطبق شريعة دين على شريعة دين سبقه.
وهكذا نستطيع أن نقرر ، ونحن مطمئنون ، أن هاجر وسارة ـ رضياللهعنهما ـ كانت كلتاهما زوجة فاضلة للخليل عليهالسلام ، ولكل منهما من الحقوق والواجبات ما للأخرى ، وأن الأمر كذلك بالنسبة لا بنيهما النبيين الكريمين ، واذا لم يقتنع علماء اليهود بما نقول ، فما رأيهم في أبناء يعقوب الاثني عشر ، وهم في نفس الوقت رءوس الأسباط الاثني عشر ، فهم كما نعلم ـ وبنص التوراة نفسها (١) ـ من زوجاته الأربعة (الحرائر والجواري) ، ولم يقل واحد من العلماء أو رجال اللاهوت من اليهود والنصارى ، أن أبناء يعقوب من الجاريتين ، بلهة وزلفة ، أقل مرتبة من أخوتهم أبناء السيدتين ، ليئة وراحيل ، هذا إذا سلمنا جدلا ، بأن أم إسماعيل كانت جارية لسارة ، أضف إلى ذلك كله أن إسماعيل إنما كان بكر إبراهيم ، وللبكورية في بني إسرائيل شأن عظيم ، وحقوق كثيرة.
بقيت نقطة أخيرة ، تتصل بما يزعمه «ماير» من أن إسحاق كان أرفع قدرا من إسماعيل بدرجة لا تترك مجالا للمقارنة بينهما ، فذلك تعصب أعمى ، وتلك دعوة الغرب وحقدهم على العرب أبناء إسماعيل ، نحتمي منه بقوله تعالى «لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ» (٢) ، إيمانا منا بأن كلا من اسماعيل واسحاق ابن للخليل ، وقد وصف اسحاق في القرآن الكريم بانه كان «نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ» (٣) ، ووصف إسماعيل بأنه «كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا» (٤) ، فما كان لنا أن نفرق بين أحد من رسل
__________________
(١) تكوين ٣٥ : ٢٢ ـ ٢٦
(٢) سورة البقرة : آية ٢٨٥
(٣) سورة الصافات : آية ١١٢
(٤) سورة مريم : آية ٥٤