البحرية ، وانطلاقا من هذا فقد أرسل حملات الاستكشاف من السويس ومن الخليج العربي ، ولكن المحاولة قد توقفت بسبب وفاته في بابل ، في الثامن عشر من يونية عام ٣٢٣ ق. م (١) ، ويبدو أن هذه الحقيقة الأخيرة قد اختلطت بغيرها عند الأخباريين وكانت النتيجة تلك الأسطورة الآنفة الذكر.
على أنه ليس من الغريب على أصحابنا الأخباريين أن يجعلوا الاسكندر الأكبر يدخل مكة ، فضلا عن أن يكون رجلا مؤمنا يحج إلى بيت الله الحرام ـ وهو الذي لم يكتف بتأليه نفسه عند الشرقيين ، وإنما فعل ذلك في بلاد اليونان نفسها كأثينا وإسبرطة (٢) ـ ما داموا قد جعلوه من قبل أحد اثنين من المؤمنين حكموا الدنيا بأسرها (٣) ، وما داموا قد جعلوا من أسلاف الفرس من حج إلى بيت الله الحرام ، وما دام الخليل عليهالسلام قد أصبح ـ في نظرهم ـ واحدا من أجدادهم ، ومن ثم فقد ربطوا نسب الفرس بنسب العرب العدنانيين ، وما دام «ساسان» قد جاء إلى الكعبة ، وطاف بالبيت العتيق ، وزمزم على بئر إسماعيل ، ثم أهدى الكعبة غزالين من ذهب ، وجواهر وسيوفا وذهبا كثيرا (٤).
وعلى أي حال ، فمن المعروف أن أمر الكعبة قد آل إلى قريش مرة أخرى في عهد «قصي بن كلاب» ـ الجد الرابع لرسول الله (صلىاللهعليهوسلم) وأصبحت مكة مركزا للحياة الدينية في شبه الجزيرة العربية ، بسبب وجود الكعبة فيها ، وفي الواقع أنه رغم وجود «البيوت الحرام» في بلاد العرب ،
__________________
(١) و. و. تارن : الاسكندر الاكبر ص ١٨٥ ـ ١٨٧ ، فضلو حوراني : العرب والملاحة في المحيط الهندي ص ٥٥
(٢) ثاران : المرجع السابق ص ١٧٨ ـ ١٨٠
(٣) انظر : الطبري ١ / ٢٣٤ ، ابن كثير ١ / ١٤٨
(٤) مروج الذهب ١ / ٢٦٥ ، جواد علي ٤ / ١٦