بناء المعبد دون الاعتماد عليها كان أمرا بالغ الصعوبة ، وربما كان السبب في التأثير المصري ، هو مصاهرة سليمان للبلاط الفرعوني ، وإن كان الأمر بالنسبة إلى التأثير البابلي أصعب من أن يفسر ، وعلى أي حال ، فلقد كان للطابعين المصري والبابلي أثر كبير على الفينيقيين ، الذين اختلطت فنونهم بفنون المصريين من ناحية ، والبابليين من ناحية أخرى ، وطالما تحدثت التقاليد الإسرائيلية عن نشاط الحرفيين الفينيقيين بكل وضوح وتأكيد (١)
وعلى أي حال ، فالذي يهمنا هنا ، أن العقيدة لم تقم تبعا لعقيدة أصحاب تلك الصناعة ، بل كان أصحاب الصناعة في الحالين ـ كعبة مكة وهيكل سليمان ـ ممن يخالفون تلك العقيدة ، ويتسمون بسمة الكفر والانكار عند المعتقدين بها (٢)
ولم نعرف أن معبدا سمي بشكله ، أو كان له شكل غير أشكال الأبنية التي يغلب عليها التكعيب مع بعض الاستطالة ، وليست مادة «كعب» بالغريبة عن اللغة العربية ، لأنهم كانوا يعرفون كعوب الفتاة ويسمون الفتاة كاعبا إذا كعب ثدياها ، ويلعبون بالكعوب ويتسلحون بالرماح وهي من القصب أو من الأقنية ، فيغلب أن يكون اليونان هم الذين أخذوا من العرب كلمة الكعب وكلمة القناة فتصحفت في لغتهم إلى القانون وهو العصا التي تتخذ للقياس (٣).
أما عن الحبشة ، وأن العرب قد نقلوا عنها طريقة بناء المعابد وأمثالها ،
__________________
(١) كتابنا إسرائيل ص ٤٦٤ ـ ٤٧٢ ، أندريه إيمار ، جانين أوبوايه : الشرق واليونان القديمة ١ / ٢٦٧ ، وكذاK.Kenyon ,Archaeology in the Holy Land ,P.٧٤٢ وكذا R. A. S. Macalister, The Topography of Jerusalemin CAH, III, ٥٦٩١, P. ٨٤٣ ـ ٩
(٢) العقاد : مطلع النور ص ١١٢
(٣) نفس المرجع السابق ص ١١٢