بعيد عن «بئر برهوت» (١) ، التي اشتهرت في الجاهلية بأنها شر بئر في الأرض ، ماؤها أسود ، ورائحتها كريهة ، حتى ذهب الخيال بالبعض إلى أنها موضع تتعذب فيه أرواح الكافرين ، وأنها تقذف بألوان من الحمم ، يسمع لها أزيز راعب (٢) ، وهكذا نشأت قصة قبر هود ، وهكذا حيكت الروايات الساذجة عن عذاب عاد (٣).
وهناك رواية رابعة تذهب إلى أن النبي الكريم إنما دفن في فلسطين (٤) ، بينما تذهب رواية خامسة إلى أن هودا قد ذهب مع من آمن به إلى مكة ـ وعددهم ثلاثة آلاف على زعم ، وأربعة على زعم آخر ـ وأنه أقام هناك ، ودفن بالحجر من مكة ، فقبره إذن بمكة ، بجوار قبور ثمانية وتسعين نبيا (٥).
هذا ويقدم لنا الأخباريون رواية ، مؤداها : أن وفدا من سبعين رجلا من عاد ، يذهب إلى مكة ليستسقي لهم ، وأن هذا الوفد قد نزل عند معاوية بن بكر ـ وكان بظاهر مكة خارجا عن الحرم ـ وأنه أقام عنده شهرا ، يشرب الرجال فيه الخمر ، وتغنيهم الجواري ، وأن معاوية حين رأى طول مقامهم عنده ، أوعز إلى جاريته أن تغنيهم شعرا يذكرهم بمأساة قومهم ، وحين فعلت الجاريتان تذكر القوم مهمتهم (٦).
__________________
(١) ياقوت ١ / ٤٠٥ ، روح المعاني ٨ / ١٥٦ ، تاريخ حضرموت السياسي ١ / ٦٥
(٢) نفس المرجع السابق ص ٦٧ ، ياقوت ٢ / ٢٧٠ ، لسان العرب ١ / ١٤٣ ، ٢ / ٣١٤ ، جواد على ١ / ٣١٢
(٣) أنظرVon Kramer ,Uber die Suedarabische Sage ,P.١٢ وكذا : صفة جزيرة العرب ص ٧٠
(٤) الصابوني : النبوة والأنبياء ص ٢٤٠ ، النجار : قصص الأنبياء ص ٥٣
(٥) روح المعاني ٨ / ١٦١ ، أبو الفداء ١ / ١٢ ، جواد علي ١ / ٣١٣ ، وكذا ٢ ، P.٧٢٣ Ency.oflslam ,
(٦) تاريخ الطبري ١ / ٢١٧ ـ ٢٢٦ تاريخ ابن خلدون ٢ / ٢٠ ، ابن كثير : البداية والنهاية ١ / ١٢٦ ـ ١٢٨