بني أمية ـ بهدف تفضيل الشام على بقية المناطق الإسلامية ، حتى جعلوا «دمشق» واحدة من مدائن أربعة ، زعموا أنها من مدائن الجنة (١) ، وربما كان ذلك تمجيدا للمسجد الأموي ، في وقت كان فيه «عبد الله بن الزبير» يتحصن بالمسجد الحرام في مكة المكرمة ، وكان أهل الحجاز في شبه تحزب عام ضد بني أمية (٢) ، وربما أن المسجد الأموي كان في بادئ أمره كنيسة بها قبور بعض قديسي أهل دمشق ، فلما تحولت إلى مسجد ، تحولت قبور قديسيها بعواطف الناس إلى قبور للأنبياء (٣) ، وهنا لعبت السياسة دورها ، فاستغلت عواطف الناس ـ أو قل عواطف السذج منهم ـ وضعاف الكتاب الأخباريين ، فجعلت منه شيئا يرجع في قداسته إلى أبعد العهود ، وما أكثر ما لعبت السياسة هذا الدور في تاريخ الشرق الأدنى في كثير من عصوره.
وهناك رواية أخرى تذهب إلى أن اليمن ، إنما كانت مكان دفن النبي الكريم (٤) ، بينما تذهب رواية ثالثة إلى أنه قد دفن في حضرموت ، في كثيب أحمر ، عند رأسه سمرة (٥) ، وأن هناك قرية تسمى حتى الآن «قبر هود» (٦) ، أو في «وادي برهوت» على مقربة من مدينة «تريم» ، غير
__________________
(١) فتح الباري ١٣ / ٦٩ ، روح المعاني ٣٠ / ١٢٣ ، تاريخ ابن عساكر ١ / ١٤ ، ٥٧ ، وأنظر : أضواء على السنة المحمدية ص ١٢٩ ـ ١٣٥ ، ١٧٠ ـ ١٧٢
(٢) أنظر : عبد المنعم ماجد ٢ / ٧٩ ـ ٩١ ، ابن الاثير ٣ / ٢٦٥ ـ ٣١٦ ، الأزرقي ١ / ١٩٦ ـ ٢٠٠ ، التنبيه والاشراف ص ٤٠٢ ـ ٤٠٤ ، الأخبار الطوال ص ٢٦٠
(٣) جواد علي ١ / ٣١٣
(٤) ابن كثير ١ / ١٣٠
(٥) نهاية الأرب للنويري ١٣ / ٦٠ ، تفسير المنار ٨ / ٤٩٦ ، روح المعاني ٨ / ١٦١ ، تفسير الطبري ١٢ / ٥٠٧ (دار المعارف) ، ابن سعد ١ / ٢٥ ، ياقوت ٢ / ٢٧٠ ، وكذاC ,Forster ,op - cit ,P ,٤٧٣ وكذا : تاريخ اليعقوبي ١ / ٢٧٠ ، صفة جزيرة العرب ص ٨٧ ، ياقوت ١ / ١١٦ ، قصص القرآن ص ٢٧
(٦) مبروك نافع : المرجع السابق ص ٣٣