ومادة يستخرجون منها دبسا وخمرا وشرابا (١) ، بل لقد ذهبوا إلى أكثر من ذلك ، حين حلوا بها مشكلة الصراع بين الحرارة والملوحة ، ذلك أن الاشعاع الشمسي الهائل يرفع البخر إلى درجة تهدد الموارد الباطنية بالنفاد وسط التربة الزراعية بالاستملاح المتزايد ، ولهذا لجأ القوم إلى النخيل ، لا كغذاء فقط ، وأنما لتستظل به الزراعة (٢) ، وعلى أي حال ، فإن ملكة الأشجار العربية هذه ، غير عربية الأصل ، نقلت إلى شبه الجزيرة من الشمال ، من بابل ، حيث كانت شجرة النخيل أعظم العوامل التي جذبت الإنسان القديم إلى التوطن هناك (٣).
وهناك ما يشير إلى ان الثموديين قد عرفوا زراعة القطن كذلك ، بدليل وجود الإسم «برس» أي شعر القطن ، والإسم «هلق» أي حلاج القطن ، الذي يشير الى صناعته كذلك ، كما أن هناك ما يشير كذلك إلى معرفة القوم لزراعة البصل والبخور والورود (٤).
هذا ولم تقتصر النقوش الثمودية على بلاد العرب ، وإنما وجدت كذلك في سيناء وفي دلتا مصر وفي وادي الحمامات بين القصير وقفط ، وفي الصفا شرق دمشق وفي شمال غرب تدمر وفي صيدا وجبل الرام وأم الرصص قرب ديبان في شرق الاردن ، وفي النقب (٥). ولعل من الأهمية
__________________
(١) جواد علي ١ / ٢٠٧
(٢) جمال حمدان : أنماط من البيئات ص ٩٥ ـ ٩٦
(٣) لاويون ٢٣ : ٤٠ ، فحميا ١٨ : ١٥ ، مكابيين أول ١٣ : ٥١ وكذاJ.Hastings ,op - cit ,P.٥٧٦
(٤) خالد الدسوقي : قوم ثمود بين روايات المؤرخين ومحتويات النقوش ـ مجلة كلية اللغة العربية والعلوم الاجتماعية ـ العدد السادس ـ ١٩٧٦ ص ٢٩٢E. N. Kensdale, Three Thamudic Inscriptions From the Nile Delta, le Museon, ٥٦, P. P. ٥٨٢ ـ ٨٨٢ G. Harding, Some Thamudic Inscriptions From Hashmite Kingdom of the Jordan, ٢٥٩١ W. M. Petrie, Hyksos and Israelite Cities, P. ٤٥ E. Littmann, Thamudund Safa, PP. ٦, ٥٩ S. Horshield, le Temple de Ramm, Rev. Bibl, ٤٤, ٥٣٩١, PP. ٥٤٢ ـ ٨٧٢ H. A. Winckler, Rock. Drawings of Southern upper Egypt, London, ٨٣٩١, P. P. ٥, ٠١
(٥) جواد علي ١ / ٢٠٧