اكثر بقاعها صحراوية قليلة السكان (١).
وقد عوضت عن الأنهار بشبكة من الأودية التي تجري فيها السيول غبّ المطر ، الذي ينهمر أحيانا وكأنه أفواه قرب قد تفتحت ، فتكون سيولا عارمة جارفة ، تكتسح كل ما تجده أمامها ، وتسيل الأودية فتحولها إلى أنهار سريعة الجريان (٢) ، هذا وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن كثيرا من أودية شبه الجزيرة العربية إنما كانت انهارا في يوم ما (٣) ، وأما أدلتهم على ذلك ، (فأولا) وجود ترسبات في هذه الأودية من النوع الذي يتكون عادة في قيعان الأنهار ، ومنها (ثانيا) ما عثر عليه من عاديات وآثار سكن على حافة الأودية ، ومنها (ثالثا) ما جاء في كتابات المؤرخين القدامى من الأغارقة والرومان عن وجود أنهار في شبه جزيرة العرب ، فـ «هيرودوت» يتحدث في (١ : ٢١٤) عن نهر أسماه «كورس» رغم أنه ينبع من منطقة نجران ، ثم يسير نحو الجهة الشمالية الشرقية ، مخترقا بلاد العرب حتى يصب في الخليج العربي ، ويرى «مورتز» أنه في وادي الدواسر الذي يمس حافة الربع الخالي ، عند نقطة تبعد خمسين ميلا ، من جنوب شرق السليل ، وتمده الأودية المتجهة من سلاسل جبال اليمن بمياه السيول (٤).
__________________
(١) جواد علي ١ / ١٥٧ ـ ١٥٨
(٢) جواد علي ١ / ٢١٥
(٣) مما يؤكد وجود أنهار في الجزيرة العربية قديما ، ما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم في «صحيحه» في كتاب الزكاة في «باب الترغيب في الصدقة قبل أن لا يوجد من يقبلها). عن أبي هريرة عن النبي (صلىاللهعليهوسلم) أنه قال : «لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض وحتى يخرج الرجل بزكاة ماله فلا يجد أحدا يقبلها منه ، وحتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا».
(٤) جواد علي ١ / ١٥٨ ـ ١٥٩ ، حافظ وهبه : المرجع السابق ص ٥٤ ، محمود شكري الألوسي : تاريخ نجد ص ٢٩ ، وكذا Betram, Thomas, Arabia Felix, Across The Empty Quarter of Arabia, N. Y. ٢٣٩١. P. ٠٥٣ B. Moritz, Arabien Studien Zur Physikalischen und Historischen Geographie des Landes, Hanover, ٣٢٩١, P. ١٢