أو ضرعا (١).
ولعل هذا كله ، هو الذي دفع بعض الباحثين إلى اعتبار «يتع أمربين» وأبيه «سمه علي ينوف» المؤسسين الأصليين لسد مأرب ، والذي يعتبر أكبر عمل هندسي عرفته شبه الجزيرة العربية في تاريخها القديم.
هذا وقد كان من أثر الاهتمام بإنشاء السدود وتنظيم الري ، أن زادت مساحة الأراضي الزراعية ، وخاصة حول مأرب ، مما كان سببا في الإعلاء من شأنها وزيادة سكانها ، ولما كان الرخاء الاقتصادي في سبأ يعتمد على الحياة النباتية ـ وليس الحيوانية ـ فإن الاهتمام بتنظيم الري إنما كان سببا في الرخاء الذي ساد البلاد إبان تلك الفترة ، وجعل من «مأرب» مدينة مزدهرة ، وأوجد الصورة الرومانتيكية لبلاد العرب في أذهان المؤلفين الكلاسيكيين ، فأطلقوا عليها «بلاد العرب السعيدة» ، وهكذا أصبحت مأرب تنازع «صرواح» (٢) مكانتها أول الأمر ، ثم
__________________
(١) فؤاد حسنين : المرجع السابق ص ٢٩١ وكذا Ency ,of Islam ,III ,P.٠٩٢ وكذا انظر : D.H.Muller ,Die Burgen ,II ,P.٣١
(٢) كانت صرواح عاصمة سبأ في عصر المكاربة ، ثم واحدة من أهم مدن سبأ لعدة قرون بعد ذلك ، وتقع الآن في موضع «الخربة» و «صرواح الخريبة» ما بين صنعاء ومأرب ، وكثيرا ما تردد ذكرها في أشعار العرب ، وقال عنها الهمداني : أنه لا يقارن بها شيء من المحافد المختلفة ، ويروي الأخباريون أنها حصن باليمن ، وأن الجن قد بنوه لبلقيس بأمر من سليمان ، وليس من شك في أن هذا من الأساطير التي لعب الخيال فيها دورا كبيرا ، فضلا عن جهل بتاريخ المدينة ، إلى جانب أثر الاسرائيليات في إرجاع أي أثر لا يعرفون صاحبه ، إلى سليمان وإلى جن سليمان ، وتوجد المناطق الأثرية في صرواح في ثلاثة مناطق هي : منطقة البناء والمنطقة المسماة القصر ، وهي قرية حديثة استخدموا في تشييدها بعض أحجار المعابد ، وإما المنطقة الثالثة فهي المسماة الخريبة ، واما أهم آثار صرواح فهو معبد إله القمر الموقاة ، ودار بلقيس ومعبد «يفعان» الذي نال حظوة كبيرة بعد معبد الموقاة عند المكاربة [أنظر : احمد فخري ص ١٦٠ ـ ١٦٢ ، نزيه مؤيد العظم ٢ / ٣٤ ، ياقوت ٥ / ٤٠٢ ، اللسان ٣ / ٣٤٣ ، الهمداني الإكليل ٨ / ٢٤ ، ٤٥ ، ٧٥ ، ١٠ / ٢٢ ، ٢٤ ، ٢٦ ، ٣٩ ، ١١٠ ، صفة جزيرة العرب ص ١٠٢ ، ١١٠ ، ٢٠٣ ، منتخبات ص ٦٠ وكذا (G. Rycknans, Publication of the Inscriptions, III, ١٥٩١ D. Nielson, op - cit, P. ١٤١