قوية (١)
ثم نقرأ بعد ذلك أن أبرهة سرعان ما يسمع بتصدع سد مأرب ، وهو يصلي في كنيسة مأرب ، فيسرع إلى إصلاح السد ، مستعينا بحمير وجنوده من الاحباش ، غير أنه يضطر إلى إعطائهم مهلة يستريحون فيها من شرور الحرب ، فضلا عن القضاء على تذمر القبائل التي لم تتعود مثل هذه الأعمال الشاقة ، إلى جانب عقد هدنة مع أقيال سبأ الذين كانوا ما يزالون خارج سلطانه. ثم يبدأ بعد ذلك في جمع العمال من أبناء العشائر ، وتخزين المؤن التي سوف يحتاج إليها إبان عمله في إصلاح السد ، وأخيرا يبدأ العمل في السد ، فضلا عن القنوات والأحواض والمشروعات الفرعية الجديدة ، حتى إذا ما كمل المشروع ، بعد أحد عشر شهرا من العمل المتواصل ، كان طول السد ٤٥ ذراعا ، وعرضه ١٤ ذراعا ، وارتفاعه ٣٥ ذراعا ، هذا ويحدثنا أبرهة أن مقدار المؤمن التي صرفت أثناء العمل كانت ٥٠٨٠٦ كيسا من الدقيق ، ٢٦٠٠٠ حملا من البلح ، فضلا عن نحر ٣٠٠٠ جملا وثورا ، ٢٠٧٠٠٠ رأسا من الغنم ، وذلك منذ اليوم الذي بدأ فيه العمل ، وحتى الانتهاء منه في شهر «ذو معان» من عام ٦٥٨ من التقويم الحميري ، الموافق عام ٥٤٣ من التقويم الميلادي (٢).
وكان نجاح أبرهة في ترميم سد مأرب ـ وهو آخر ترميم له ـ أمرا اعتز به الرجل ، وقرر الاحتفال به ، فجاءت إلى مأرب وفود كثيرة تمثل مراكز القوى في العالم وقت ذاك ، يذكر أبرهة منها في نقشه ، وفدا يمثل «زمخير
__________________
(١) فؤاد حسنين : المرجع السابق ص ٣٠٣ وكذH. Von Wissmann and M. Hofner op - cit, P. ١٢١
(٢) جواد علي ٣ / ٤٨٣ ـ ٤٨٦ ، احمد فخري : المرجع السابق ص ١٨٧ ، جرجي زيدان : المرجع السابق ص ١٦٢ ـ ١٦٣